تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ٢ - الصفحة ٣٩٣
جسده، فقال الله سبحانه: وعزتي وعظمتي لا أحجب التوبة عن عبدي حتى يغرغر بها (1).
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام): إذا بلغت النفس ههنا وأشار بيده إلى حلقه لم يكن للعالم توبة ثم قرأ هذه الآية (2) (3).
وفيه وفي تفسير العياشي: عن الباقر (عليه السلام) مثله، وزاد: وكان للجاهل توبة (4) (5).
ولا يخفى المنافاة بينه وبين الاخبار الأولة.
وقيل في الجمع (6): لعل السبب في عدم قبول التوبة من العالم في ذلك الوقت، حصول يأسه من الحياة بإمارات الموت، بخلاف الجاهل فإنه لا ييأس إلا بمعاينة الغيب وأقول في الجمع: يمكن أن يكون المراد بذنب العالم الذي ليس له فيه توبة، ذنب صدر عنه بإضلال الناس عالما بإضلالهم للأغراض الدنيوية، فلا يقبل توبته حينئذ، لان محض الندم في ذلك لا ينفع، لان جمعا كثيرا قد عملوا بعلمه وضلوا،

(١) مجمع البيان: ج ٣ ص ٢٢ س ٢٥ رواه عند تفسيره لآية ١٧ من سورة النساء.
(٢) (إذا بلغت النفس ههنا) النفس بالتحريك واحد الأنفاس، وبالتسكين الروح، وكلا هما مناسب (وأشار بيده إلى حلقه) يعني قبل معاينة عالم الغيب قريبا من انقطاع زمان التكليف متصلا به (لم يكن للعالم توبة) لتشديد الامر عليه، وعدم المساهلة معه، لتفريطه في مقتضى علمه، فلا عذر له، بخلاف الجاهل فإنه يقبل توبته حينئذ لوقوع المساهلة معه في كثير من الأمور، وقبول توبته في هذا الوقت من جملتها. وقيل: الفرق بينهما، أن ذنوب العالم أمور باطنية وصفات قلبية وملكات ردية نفسانية، لا يمكن محوها عن النفس دفعة في مثل هذا الزمان القليل، بل لابد من مرور زمان يتبدل سيئاته إلى الحسنات، بخلاف ذنوب الجاهل الناقص، فإنها من الأعمال البدنية، والأحوال النفسانية الخارجة عن صميم القلب وباطن الروح فيمكن محوها في لحظة، (ثم قرأ: إنما التوبة، الآية) والاستشهاد بقوله: " بجهالة " فإنه يفهم منه أن قبول التوبة في هذا الوقت القريب من الموت للجاهل دون العالم، وإلا لما كان لذكر الجهالة فائدة (تلخيص من شرح العلامة المازندراني على أصول الكافي: ج ٢ ص ١٩٦).
(٣) الكافي: ج ١ ص ٤٧ كتاب فضل العلم، باب لزوم الحجة على العالم وتشديد الامر عليه، ح ٣.
(٤) الكافي: ج ٢ ص ٤٤٠ كتاب الايمان والكفر، باب فيما أعطى الله (عز وجل) آدم (عليه السلام) وقت التوبة، ح ٣.
(٥) تفسير العياشي: ج ١ ص ٢٢٨ ح 64.
(6) القائل بالجمع: الفاضل الكاشي في تفسيره - منه دام عزه - (كذا في هامش النسخة).
(٣٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 388 389 390 391 392 393 394 395 396 397 398 ... » »»
الفهرست