[إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهلة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما (17)] إنما التوبة على الله: أي قبول التوبة الذي أوجبه الله على نفسه، بمقتضى وعده من تاب عليه إذا قبل توبته.
للذين يعملون السوء بجهلة: متلبسين بها سفها، فإن ارتكاب الذنب سفه وتجاهل.
وفي مجمع البيان: روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: كل ذنب عمله العبد، وإن كان عالما فهو جاهل حين خاطر بنفسه في معصية ربه، فقد حكى الله سبحانه قوله يوسف لاخوته: " هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون " (1) فنسبهم إلى الجهل لمخاطرتهم بأنفسهم في معصية الله (2).
وروى عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قيل له: فإن اد وتاب مرارا؟ قال:
يغفر الله له، قيل: إلى متى؟ قال: حتى يكون الشيطان هو المحسور (3).
ثم يتوبون من قريب: أي من زمان قريب، أي قبل حضور الموت لقوله تعالى: " حتى إذا حضر أحدهم الموت " سماه قريبا، لان أمد الحياة قريب، لقوله تعالى: " قل متاع الدنيا قليل " (4)، أو قبل أن يشرب في قلوبهم حبه فيطبع عليها فيتعذر عليهم الرجوع.
و " من " للتبعيض، أي يتوبون في أي جزء من الزمان الذي هو ما قبل