تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ٢ - الصفحة ١٥٨
وهذا رد على اليهود حيث أرادوا براءة ساحتهم مما نطق به القرآن، من تحريم الطيبات عليهم لبغيهم وظلمهم في قوله تعالى: " ذلك جزيناهم ببغيهم " (1) وقوله تعالى: " فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم " (2) فقالوا: لسنا بأول من حرمت عليه وقد كانت محرمة على نوح وإبراهيم ومن بعده من بني إسرائيل إلى أن انتهى التحريم إلينا فكذبهم الله (3).
قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين: أمر بمحاجتهم بكتابهم وتبكيتهم بما فيه، حتى يتبين أنه تحريم حادث بسبب ظلمهم وبغيهم، لا تحريم قديم كما زعموا، فلم يجسروا على إخراج التوراة، وبهتوا.
وفيه دليل على نبوته (عليه السلام).
وفي تفسير العياشي: عن عمر بن يزيد قال: كتبت إلى أبي الحسن (عليه السلام) أسأله عن رجل دبر مملوكه هل له ان يبيع عتقه؟ قال: كتب: " كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه " (4).
وفي تفسير علي بن إبراهيم: وأما قوله: " كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل ان تنزل التوراة " قال: كان يعقوب يصيبه عرق النساء فحرم على نفسه لحم الجمل، فقالت اليهود: إن الجمل محرم في التوراة، فقال الله (عز وجل) لهم: " فأتوا بالتوراة فتلوها إن كنتم صادقين " إنما حرم هذا إسرائيل على نفسه ولم يحرمه على الناس (5).
فمن افترى على الله الكذب: بزعمه أن ذلك كان محرما على الأنبياء وعلى بني إسرائيل قبل إنزال التوراة.
من بعد ذلك: أي لزوم الحجة.

(١) الانعام: ١٤٦.
(٢) النساء: ١٦٠.
(٣) أنوار التنزيل وأسرار التأويل (تفسير البيضاوي): ج ١ ص ١٧٢ في تفسيره لقوله تعالى: " من قبل أن تنزل التوراة ".
(٤) تفسير العياشي: ج ١، ص 185 ح 87.
(5) تفسير علي بن إبراهيم: ج 1، ص 107.
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»
الفهرست