أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال لبلال: يا بلال إذا أذنت فترسل في أذانك، وإذا أقمت فاحدر واجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يفرغ الأكل من أكله والشارب من شربه، والمعتصر إذا دخل لقضاء حاجته ولا تقوموا حتى تروني ". وقال الترمذي:
" هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث عبد المنعم، وهو إسناد مجهول ".
قلت: ولا أدري ما وجه حكم الترمذي عليه بالجهالة، مع أنه اسناد معروف ولكن بالضعف، والضعف الشديد! فإن عبد المنعم هذا هو ابن نعيم الأسواري صاحب السقاء. قال البخاري وأبو حاتم: منكر الحديث. وقال النسائي: ليس بثقة.
ويحيى بن مسلم هو البكاء وهو ضعيف كما في " التقريب " ولهذا جزم في " الدراية " (ص 61) بضعف اسناد الحديث.
وقد اختلف فيه على عبد المنعم فرواه عنه ثقتان هكذا، وخالفهما علي بن حماد ابن أبي طالب فقال: ثنا عبد المنعم بن نعيم الرياحي ثنا عمرو بن فائد الأسواري ثنا يحيي بن مسلم به. رواه الحاكم (1 / 204). فأدخل بين عبد المنعم ويحيى عمرو بن فائد، وهو متروك كما قال الدارقطني وغيره. لكن ابن أبي طالب هذا قال ابن معين: ليس بشئ. وقد ذهل عن هذا الاختلاف العلامة أحمد شاكر رحمه الله فتوهم أن للحديث إسنادين عن البكاء، عرف الترمذي أحدهما ولم بعرف الاخر، وعرف الحاكم الثاني ولم يعرف الأول!
وإنما هو إسناد واحد رواه علي عبد المنعم، اختلف عليه فيه والراجح رواية الثقتين المشار إليهما وهذا واضح.
والحديث طريق أخرى عند البيهقي عن صبيح بن عمر السيرافي ثنا الحسن ابن عبيد الله عن الحسن وعطاء به دون قوله: " ولا تقوموا... ". وقال:
" الاسناد الأول أشهر من هذا، وليس بالمعروف ". يشير إلى أن صبيحا مجهول كما قال الحافظ في " اللسان " وله شاهد من حديث علي قال: