ما حاضت فهو يجزيها وقوله (عليه السلام) تصوم ما حاضت أي تصوم عوض أيام حاضت فيها ويشمل بإطلاقه الشهر الأول كما هو المعتاد من عادة النساء وما رواه سليمان بن خالد قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل كان عليه صيام شهرين متتابعين فصام خمسة وعشرين يوما ثم مرض فإذا برئ أيبني على صومه أم يعيد صومه كله فقال بل يبني على ما كان صام ثم قال هذا مما غلب الله عليه وليس على ما غلب الله عز وجل عليه شئ لا يقال الاخبار السالفة تدل على الاستيناف للافطار بالعذر في الشهر الأول أو بعد انقضائه قبل أن يصوم من الثاني شيئا قلنا يحمل ذلك على الاستحباب أو على عذر لا يوجب الافطار كما حمله الشيخ (ره) وإن بعد عن لفظ المرض الواقع في بعضها لئلا تتناقض الاخبار ثم المراد بالعذر الذي يصح معه البناء ما يعرض بغير اختيار كالحيض والنفاس والمرض والجنون والاغماء أو اضطر إليه كالسفر الضروري يخاف بتركه على نفسه أو ماله أو ما في معناه وأما السفر الذي لا يكون ضروريا فيقطع به التتابع لان القطع جاء من قبل المكلف باختياره ويجب تقييد الضروري أيضا بما إذا لم يعلم قبل الشروع بعروض السفر في أثنائه وإلا كان الشروع فيه مع العلم بعروضه كالشروع فيه في زمان لا يسلم له صوم ما يحصل به التتابع ويجب عليه الاستيناف كما سبق في صحيحة منصور بن حازم ولا تجب الفورية في البناء على الصيام بعد زوال العذر الذي أفطر لأجله سواء كان ذلك في الشهر الأول أو الثاني أما في الثاني فطر وأما في الأول فلان التتابع قد اختل بالعذر فلا وجه للزوم المبادرة بالبناء في أول أوقات الامكان وفيه أنه بالتأخير يصير مخلا بالتتابع اختيارا وهو غير جائز واختلاله بالعذر لا يوجب سقوط اعتباره مطلقا مع أن صحيحة أبي أيوب تدل على فورية البناء في الشهر الثاني والمبادرة بالقضاء لأيامه والشهر الأول أولى بذلك والعبد يتابع خمسة عشر يوما في كفارتي الافطار والظهار على قول الشيخ وكذا من نذر شهرا متتابعا أي يحصل شرط التتابع لهما بتتابع خمسة عشر يوما والمستند في النذر ما رواه موسى بن بكر عن أبي عبد الله (عليه السلام) في رجل جعل عليه صوم شهر فصام منه خمسة عشر يوما ثم عرض له أمر قال إن كان صام خمسة عشر يوما فله أن يقضي ما بقي عليه وإن كان أقل من خمسة عشر يوما لم يجزه حتى يصوم شهرا تاما وما رواه فضيل بن يسار عن أبي جعفر (عليه السلام) قال قال في رجل جعل على نفسه صوم شهر فصام خمسة عشر يوما ثم عرض له أمر فقال جائز له أن يقضي ما بقي عليه وإن كان أقل من خمسة عشر يوما لم يجز له حتى يصوم شهرا تاما وفي طريق الروايتين ضعف لكن العمل بمضمونهما مشتهر بين الأصحاب أو متفق عليه كذا ذكره في المسالك وأما العبد في كفارته فقد ألحقه الشيخ في بعض كتبه إما لشمول الجعل الوارد في الروايتين له لأنه إذا أفطر أو ظاهر فقد جعل عليه صوم شهر وبعد ذلك واضح وأما لشمول الحكم له بطريق الأولى لان التتابع الذي ألزمه الرجل على نفسه بالنذر وشبهه إذا كان معناه ذلك بحسب الشرع فالتتابع الوارد شرعا في الكفارة أولى بأن يكون المراد منه ذلك وذلك لا يخلو عن قوة مع ثبوت الحكم في النذر وإما لان كفارة العبد نصف كفارة الحر والتنصيف كما يكون في العدد كذا يكون في الوصف فكما جاز في تتابع الشهرين التجاوز عن النصف فكذا تتابع الشهر وتتابع خمسة عشر يوما يزيد على نصف الشهر الناقص بنصف يوم ولو وجب تتابع ستة عشر يوما لزاد على حكم الشهرين وضعف هذا الوجه أيضا غير خفي وإرجاعه إلى الأولوية أيضا مشكل لان ضعف العبد يحبره تنصيف العدد ورعاية التتابع التام في القليل ليس مثل رعايته في الكثير كما ترى من أن تتابع الثلاثة في الكفارة يقطع بمطلق الاخلال به فيمكن أن لا يثبت ذلك التخفيف له ثم إجراء حكم حصول التتابع في التجاوز عن النصف في الأشهر المتتابعة الواجبة بنذر وشبهه مشكل جدا لبطلان القياس وعدم ثبوت كلية كون التتابع معناه ذلك بمجرد هاتين الروايتين والاخبار السالفة لا تدل إلا على اعتبار التتابع بين الشهرين ولو ثبت بها العموم فلا تفيد إلا جواز التفريق في الشهر الأخير ويجب في الرقبة في كفارة الافطار الاسلام أو حكمه على الأشبه والمراد بالاسلام الاقرار بالشهادتين وهو المراد بالايمان الوارد في هذا المقام لا التصديق القلبي بهما لان ذلك لا يمكن الاطلاع عليه ولا الايمان الخاص وهو اعتقاد الامامية لان ذلك اصطلاح خاص متأخر عن الايمان المعتبر في الكفارة وربما قيل باشتراطه باعتبار أن الاسلام لا يتحقق بدونه أو لدلالة النهى عن انفاق الخبيث عليه وضعفهما واضح نعم يعتبر أن لا يكون من الفرق المحكوم بكفرهم ولا يعتبر التبري مما عدا الاسلام من الملل الباطلة كما شرطه بعض العامة للأصل وعدم نقله عن النبي صلى الله عليه وآله حيث يقبل من الكافر الاسلام ولو كان الكافر منكرا لعموم رسالته صلى الله عليه وآله كقوم من اليهود يقولون أنه رسول الله صلى الله عليه وآله مبعوث إلى العرب خاصة فالظاهر أنه لا بد في إسلامه من الاقرار بعموم رسالته صلى الله عليه وآله وأما اشتراط خصوص التبري حينئذ كما قال بعض أخر من العامة فلا وجه له والمرتد زمن ردته كافر والمراد بحكم الاسلام تبعية الصغير لأبويه المسلمين أو أحدهما ولا فرق في تبعيته بين كونهما مسلمين حين يولد وبعده ومن ثم يقتل به المسلم ويدخل في الوصية للمسلمين
(٤٣٠)