إذا بدا له فقال إذا كان نوى ذلك من الليل وكان من قضاء رمضان فلا يفطر ويتم صومه وما سبق في موثقة زرارة من الحكم بوجوب مثل كفارة الإصابة في رمضان على من أصاب في القضاء مطلقا وقوله (عليه السلام) ذلك اليوم عند الله من أيام رمضان وحيث لا يصلح هذان الخبران من حيث السند والمتن لتعارض الأخبار الكثيرة السابقة فيحمل ما في الصحيحة المضمرة من قوله فلا يفطر ويتم صومه على الاستحباب ويخصص الاطلاق الذي في الموثقة النادرة فيمن أصاب بمن أصاب بعد الزوال كما أشار إليه الشيخ في تأويله كيف لا ولا بد من التأويل والتخصيص في هذه الرواية على رأي الحسن والحلبي أيضا إذ الحسن لا يقول بالكفارة مطلقا والحلبي لا يقول بها قبل الزوال ولا بخصوص هذه الكفارة بعده كما علمت من مذهبهما ويحمل المراد من قوله (عليه السلام) إن ذلك اليوم عند الله من أيام رمضان على أنه مساو لها في تأكد الاتيان بفعله ولزوم رعاية حرمته وتأدية صوم الواجب في أصل الشرع به وليس المراد بمساواة من جميع الجهات والاعتبارات حتى يلزم تحريم إفطاره قبل الزوال وقد علمت أن الحسن والحلبي أيضا لا يقولان بالمساواة والكفارة واحتج في المختلف لهذا القول بقوله تعالى ولا تبطلوا أعمالكم ولأنه بالشروع في الصوم وقع بدل عن رمضان في نفس الامر فيجب إتمامه كالمبدل إذ لولاه لكان إتمامه مستحبا فلا يكون مجزيا عن الواجب قال والجواب أنه إن كان النهي متوجها إلى الواجب فمسلم لكن نحن نمنع وجوبه قبل الزوال وإن كان متوجها إلى المندوب منعنا كونه للتحريم ولأن النهي متى يكون حراما إذا لم يقم غيره مقامه أو إذا قام الأول مسلم والثاني ممنوع لكن هنا العمل يقوم مقام غيره وهو القضاء بعد ذلك ولأن النهي يتناول إبطال جميع الأعمال إذ الجمع المضاف للعموم وذلك إنما يكون بالكفر ونمنع وجوب الاتمام في البدل بمعنى أنه يجب عينا بل يجب هو أو غيره أقول إن أراد بقوله في الجواب لكن نحن نمنع وجوبه قبل الزوال منع الوجوب المطلق فغير صحيح إذ من البين أنه لا بد في القضاء من نية الوجوب من الليل وإن أراد منع الوجوب العيني فيرجع هذا القول أيضا إلى ما ذكره بعده بقوله ولأن النهي متى يكون حراما إلى اه وحينئذ فنستفسر عن معنى الوجوب العيني فإن أراد به الامر بشئ بخصوصه في وقت مضيق لا يسع إلا لفعله أمرا مانعا من النقيض كالصيام في أيام الشهر والحج في عام الاستطاعة دون الصلوات اليومية ونحوها من الواجبات الموسعة ففيه أنه الوجوب بهذا يستلزم النهي عن إبطاله إذ لا ريب أن إبطاله يؤدي إلى ترك المأمورية بالامر الوجوبي وتركه محرم منهي يستفاد حرمته من أصل الامر المتعلق به فلا فائدة في إرجاع هذا النهي الوارد في هذه الآية الشريفة إليه إلا أن يقال أن المراد من النهي أن أصل الابطال في تلك الأعمال محرم وراء ترك المأمور به حتى لو لم يشتغل بالفعل أصلا لكان أقل إثما من الشارع المبطل إذ لم يصدر عنه حينئذ الابطال المحرم ولكن للسائل أن يطالب بوجه ارتكاب هذا التخصيص البعيد في الآية الكريمة وإن أراد به الامر بالشئ من غير تخيير بينه وبين غيره وإن وسع وقته ويمكنه الاتيان به في كل جزء منه كالأمر بالصلاة من الزوال إلى الغروب فيحرمه بحكم هذا النهي إبطال مثل هذا العمل من إمكان الاتيان به بعده وهذا بخلاف الامر بالشئ الذي خير بينه وبين غيره كخصال الكفارة المخيرة فلا تحريم في إبطال أحديهما بعد الاشتغال إذا رجع إلى غيرها فيرد عليه بعد ظهور كمال بعد ارتكاب مثل هذا التخصيص في الآية الكريمة إن وجوب الصيام من الضرب الأول ونسبة الأيام المتعددة إليه ليس إلا كنسبة أجزاء الوقت إلى الصلاة وما ذكره من أن النهي يتناول إبطال جميع الأعمال إذ الجمع المضاف للعموم وذلك إنما يكون بالكفر فبناؤه على أن عموم الجمع بمعنى المجموع من حيث المجموع لا بمعنى كل واحد وهو خلاف التحقيق ولكن سابق الآية ولاحقها يدلان على إرادة الابطال بالكفر ومخالفة الله ورسوله والصد عن سبيله ولا يبعد ادعاء أن المتبادر من إبطال العمل أن يأتي به على وجه لا يعد حسنا ولا يوجب أجرا باعتبار مقارنة شئ أو لحوق أمر يخرجه عن الحسن والطاعة كالكفر والنفاق والرياء والمن والأذى والارتداد ونحوها نظير ما في قوله تعالى ولا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى ولا يتبادر منه ترك العمل والخروج عنه وقطعه بعد الاشتغال به كما هو الشايع بين العامة في استعمال إبطال العمل والنافع في الاحتجاج به لما نحن فيه هذا المعنى كما لا يخفى والصواب في الجواب مع قطع النظر عما ذكرناه من احتمال إرادة الكفر ونحوه وبعد تسليم أن النهي للتحريم أن يقال لا بد من تخصيص العام بعد استفاضة الاخبار بخلافه في مادة مخصوصة كما فيما نحن فيه وألحق ابن بابويه علي والحلبي النذر به أي بقضاء رمضان في تحريم الافطار ووجوب الكفارة على المفطر بعد الزوال فقال علي في رسالته على ما نقل في المختلف إذا قضيت شهر رمضان أو النذر كنت بالخيار في الافطار إلى زوال الشمس فإذا أفطرت بعد الزوال فعليك الكفارة مثل ما على من أفطر يوما من شهر رمضان وقال الحلبي على ما نقل عنه في المختلف أيضا إن كان القضاء لافطار تجب له الكفارة ففرضها متعين مع القضاء وأقول أما حرمة إفطاره بعد الزوال فيدل عليها بعض الاخبار السالفة كقول الصادق (عليه السلام) في صحيحة ابن سنان وصوم قضاء الفريضة لك أن تفطر إلى زوال الشمس فإذا زالت الشمس فليس لك أن تفطر وقوله (عليه السلام) في رواية سماعة بن مهران في بيان قول الصائم بالخيار إلى زوال الشمس إن ذلك في الفريضة ولكن المشهور بين الأصحاب عدم تحريم إفطار الصوم الغير المتعين سواء كان قبل الزوال أو بعده غير قضاء رمضان بعد
(٤٢٦)