واضح جدا لان كون الأسباب الشرعية من قبيل المعرفات لا يقتضي إلا جواز اجتماعها على مسبب واحد وإمكانه وهذا الجواز والامكان لا ينافي ظهور تعدده بتعدد الأسباب وتبادره إلى الذهن من الخطاب وكون الأصل ذلك ما لم ينص على التداخل كما نص عليه المستدل لا سيما في مثل الكفارة التي اعتبرها الشارع جزاء الذنب وموازنا له كما يظهر من ملاحظة اختلاف خصالها باختلاف الذنوب وأيضا أوجبها على المذنب عقوبة وتحميلا للكلفة والمشقة عليه حتى ينكل عن الذنب ولا يقدم على العصيان فإيجاب الكثير من الذنوب والآثام لما يوجبه كل واحد منها وتكفير الجميع بما هو كفارة البعض بعيد غاية البعد والامر في الأغسال والغسلات مع أن التداخل فيها بالنص ليس كذلك لظهور أن الغرض منها التنظيف والتطهير الذي يحصل كرواية أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وقد مر ذكرها في البحث عن وجوب الكفارة للافطار وأقوى دلالة منها صحيحة عبد الرحمن الحجاج ورواية أبي بصير ومضمرة سماعة ومرسلة جعفر بن سوقة وقد تقدم ذكر هذه الأخبار في البحث عن الاستمناء وكذا رواية عبد السلام بن صالح الهروي المتقدمة في بحث سقوط القضاء والكفارة عن الناسي فما فصله السيد المرتضى لا يخلو عن قوة ولكن الأظهر حمل هذه الرواية على أن ترتب الكفارة فعلهما لأجل فساده يوم من شهر رمضان وهتكه لحرمته لا لمحض الاتيان به في يوم يجب صومه عن شهر رمضان حتى يتوافق جميع الأخبار الواردة في هذا الباب ويتناسب الكفارات وأما ما نقله ابن أبي عقيل عن كتاب شمس الذهب عنهم (عليهم السلام) فخبر مرسل لا يمكن التعويل عليه في مثل هذا الحكم المخالف للأصل وكذا ما روي عن الرضا (عليه السلام) أن الكفارة تتكرر بتكرر الوطئ وقد قال العلامة في المنتهى لا يحضرني الان حال رواتها ويمكن حملها أيضا على بعد على التكرر في الأيام وقال فيه أيضا وقول الشيخ ليس لأصحابنا فيه نص يحتمل أنه قاله قبل وقوفه على هذه الرواية وهذا عذر منه عن قبل الشيخ عما قاله المحقق في المعتبر بعد نقله لقول الشيخ في المبسوط ليس لأصحابنا فيه نص ولا ريب أنه وهم منه وإلا فقد روي عن الرضا (عليه السلام) أن الكفارة تتكرر بتكرر الوطئ واختاره المرتضى ويحتمل أن يكون مراد الشيخ نصا صالحا للتعويل عليه في مثل هذا الحكم مع أن الشيخ لم يرم هذا النص في كتابيه ولعله لضعف سنده واحتج العلامة في المختلف على التكرر مع تغاير الجنس بأن الكفارة تترتب على كل واحد من المفطرات فمع الاجتماع لا يسقط الحكم وإلا لزم خروج المهية عن مقتضاها حالة انضمامها إلى غيرها فلا يكون المهية تلك المهية هذا خلف ويؤيده ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن الصادق (عليه السلام) في رجل أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا قال عليه خمسة عشر صاعا وعن عبد الرحمن بن الحجاج في الصحيح عن الصادق (عليه السلام) في الرجل يعبث بأهله في شهر رمضان حتى يمني قال عليه من الكفارة مثل ما على الذي يجامع إذا عرفت هذا فنقول لو أفطر إنسان بأكل أو شرب أو جماع وجبت عليه الكفارة بالحديث الأول ولو عاد فعبث بأهله حتى أمنى وجبت عليه الكفارة للحديث الثاني فإنه دال على إطلاق هذا الفعل ولأنه بعد الافطار يجب عليه الامساك ويحرم عليه فعل المفطر ثانيا فكان عليه من العقوبة بالهتك ثانيا كما كان عليه أولا لاشتراكهما في مخالفة الامر بالامساك ولأن إيجاب الكفارة معلق على الجماع مطلقا وهو صادق في المتأخر عن الافطار صدقه في المتقدم ومهية واحدة فيهما فيثبت الحكم المعلق على مطلق المهية قال وأما مع اتحاد الجنس فإن كفر عن الأول تعددت الكفارة أيضا لان الثاني جماع وقع في زمان يجب الامساك عنه فيترتب عليه وجوب الكفارة لأنها معلقة على مطلق الجماع والثاني مساو للأول في المهية وإذا كان موجبا للكفارة فإما أن تكون الكفارة الواجبة هي التي وجبت أولا فيلزم تحصيل الحاصل وهو محال وإن كانت غيرها ثبت المطلوب ويؤيده ما روي عن الرضا (عليه السلام) أن الكفارة تتكرر بتكرر الوطئ لا يقال هذا أعم من أن يقع عقيب أداء الكفارة وعدمه لأنا نقول المطلق لا عموم له وإلا لم يبق فرق بينه وبين العام وأما إذا لم يكفر عن الأول فلان الحكم معلق على الافطار وهو أعم من المتعدد والمتحد والأصل براءة الذمة وقول الشيخ أنه قياس لا نقول به ليس بجيد لان الرواية قد دلت على تكررها بتكرر الوقاع انتهى كلامه رفع مقامه أقول ويرد على دليله الأول على التكرر مع تغاير الجنس أن ترتب الكفارة على كل واحد من المفطرات أي الأكل والشرب ونحوهما غير مسلم بل الكفارة إنما يترتب على إفطار يوم واحد من الشهر كما عرفت ولا يتكرر ذلك باجتماع أجناس المفطرات في اليوم الواحد وقوله في آخر هذا الدليل وإلا لزم خروج المهية عن مقتضاها حالة انضمامها إلى غيرها فلا يكون تلك المهية يشعر بجعله الأسباب الشرعية أسبابا عقلية لا يجوز تداخل مسبباتها وبناء قوله في آخر كلامه فلان الحكم معلق على الافطار وهو أعم من المتعدد والمتحد على أن الأسباب الشرعية من قبيل المعرفات التي يمكن تداخل مسبباتها كما سيأتي ويرد على دليله الثاني عليه وهو التأييد بالروايتين أن قوله ولو عاد فعبث باهله إنما يتم في خصوص الامناء والجماع لو حملت الرواية الثانية على ظاهرها ومقصوده (ره) عام في العود إلى مطلق
(٤١٩)