الحكم بوجوب المقدر ومنها عليه حينئذ لا تجب الكفارة على الفور فيحتمل الوجوب مراعى بالقدرة فتؤخر بالعجز عنها ويجب الاتيان بها عند تجدد القدرة عليها كما ورد في كفارة الظهار في موثقة إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) أن الظهار إذا عجز صاحبه عن الكفارة فليستغفر ربه ولينو إلا يعود قبل ان يواقع ثم ليواقع وقد أجزء ذلك عنه من الكفارة فإذا وجد السبيل إلى ما يكفر به يوما من الأيام فليكفر وإن تصدق بكفه وأطعم نفسه وعياله فإنه يجزيه إذا كان محتاجا وإن لم يجد ذلك فليستغفر الله ربه وينوي أن لا يعود فحسبه بذلك والله كفارة وما في المسالك من أن دلالة هذه الرواية لا تخلو عن اضطراب لتضمن صدرها وجوب الكفارة إذا قدر عليها بعد الاستغفار وأخرها عدمه فلا يخلو عن شئ لان قوله (عليه السلام) في آخر الرواية فحسبه بذلك والله كفارة مثل قوله (عليه السلام) في أولها وقد أجزء ذلك عنه من الكفارة وليس المراد منه إلا الاجتزاء به في إباحة الوطئ عند العجز إلى أن يجد السبيل إلى ما يكفر به كما صرح به بقوله فإذا وجد السبيل إلى ما يكفر به يوما من الأيام فليكفر ومن الامتثال للاتيان بالاستغفار المأمور به عند العجز أما لو قدر بعد الثمانية عشر أو ما أمكن منها فلا شئ لتوجه الخطاب عند العجز بفعل البدل فيحصل الامتثال بفعله والحكم بوجوب أمر اخر بعده يحتاج إلى دليل ولا دليل عليه والفرق بينه وبين الاستغفار إن الجزم ببدلية الاستغفار عن الكفارة غير حاصل لان الامر به عند العجز يمكن أن يكون للمبادرة إلى إسقاط الاثم الحاصل عن الذنب ويكون ما أوجبه الذنب من الكفارة باقيا في الذمة إلى أوان القدرة لئلا يلزم التكليف بغير المقدور وهذا بخلاف صوم الثمانية عشر أو ما أمكن من الصدقة لأنه بدل عن الكفارة البتة ولو تبرع متبرع عن غيره بالكفارة الواجبة عليه صوما كان أو غيره أجزه إذا كان المتبرع عنه ميتا في أقوى القولين لأنها دين قضى عن المديون فوجب أن تبرء ذمته كما لو كان لادمي بل هنا أولى لان حق الله تعالى مبني على التخفيف وقد أطلق اسم الدين على حقوق الله تعالى في الأخبار الكثيرة كما روى أن رجلا قال أن أختي نذرت أن تحج فماتت فقال النبي صلى الله عليه وآله لو كان عليها دين أكنت قاضية قال نعم قال فاقض دين الله فهو أحق بالقضاء وما ورد في الاخبار أنه إذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخرها لشئ صلها واسترح منها فإنها دين ولاطلاق الروايات الكثيرة المتضمنة لانتفاع الميت بما يلحقه من صلاة أو صيام أو حج أو صدقة أو عتق ونحوها وقد ذكر المصنف في هذا الباب في الذكرى أربعا وثلاثين حديثا والوجه الأول قياس لا يعمل به والأولوية ممنوعة كما يظهر من عدم جواز النيابة عن الحي والعبادة بخلاف أداء الدين ويتوجه على الثاني إن الحكم بسقوط ما وجب شرعا في مال الميت أو في ذمة وليه لأجل وصية أو علم الوارث يشغل ذمته بمجرد تبرع متبرع ينتفع الميت بفعله لا يخلو عن إشكال كيف وإذا فعل ما ذكر مرارا عن الميت فلا ريب في شرعيته وزيادة انتفاعه به فلا استبعاد في عدم سقوط ما وجب منه شرعا بفعل المتبرع وإن انتفع الميت بفعله وبالجملة إسقاط الواجب بفعل من لم يتعلق به الوجوب يحتاج إلى دليل لم يوجد ولو كانت الكفارة صوما ووجبت على الولي فيقوى الاشكال باعتبار عدم جواز النيابة عن الحي في العبادة ويمكن أن يقال أن وجوبها على الولي باعتبار شغل ذمة الميت بها فإذا أسقطت عنه بفعل المتبرع نيابة عنه يسقط وجوبها عن الولي ولا يرجع ذلك إلى النيابة عن الحي في العبادة وربما تمسك القائلون بعدم الاجزاء بعد انتفاء الدليل على الاجزاء بقوله تعالى وإن ليس للانسان إلا ما سعى بقوله صلى الله عليه وإله إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ولو تم لدل على عدم انتفاع الميت بما يفعله له بعد فوته ولو بالاهداء من الولي أو المتبرع أو بالاستيجار وذلك خلاف الوفاق مع عدم دلالة الخبر على المطلوب لان ما يصل إليه بعد فوته من عمل غيره والجواب عن الآية إن الناوي له كالنائب عنه والأعمال الواقعة نيابة عنه نتيجة سعيه في تحصيل الايمان وأصول العقايد المسوغة للنيابة عنه فهي مستنده إليه وقال في المختلف المراد بالأصالة وكأنه أراد أن المراد بالآية أن ليس للانسان بالأصالة إلا ما سعى وما أهدى إليه غيره ليس له بالأصالة وفي الأجرة عن الحي مع عدم اذنه للمتبرع وجهان مرتبان على الوجهين في الاجزاء عن الميت وأولى بالمنع منه لعدم أذنه ولا بد من الاذن في إجزاء ما يفعل عن الحي مع أن التكفير نوع من العبادة ومن شأن العبادة أن لا تقبل النيابة عن الحي وفي وجه ثالث في الحي أو فيهما يجزي غير الصوم لأنه كقضاء الدين ويجوز التبرع به بخلاف الصوم فإنه عبادة من شأن العبادة أن لا تقبل النيابة عن الحي وفي الميت قد تعلقت بذمة الولي فيؤول إلى النيابة عن الحي أيضا كما عرفت والظاهر في المسألة كما حققه في المسالك المنع من إجزاء التبرع بالصوم مطلقا وتوقف غيره على أذن من وجب عليه لان الوجوب متعلق به ولا يسقط إلا بفعله أو فعل نايبه وأما الاجزاء في غير الصوم مع الاذن فيما لا ريب فيه لان المأذون بمنزلة الوكيل والنائب وقبول العتق والصدقة للتوكيل والنيابة واضح جدا درس لا يبطل الصوم بابتلاع ريقه للاتفاق وعدم إدخال شئ من الخارج والحرج في التجنب عنه ولو خرج عن الفم مع اللسان لان اللسان من الباطن والريق لاتصاله به لم يخرج عن محل المعتاد وكان كما لو وجد عليه باطنا وكذا لو جمع الريق في فيه ثم ابتلعه لم يفطر لأنه قليله لا يفطر
(٤٣٤)