في الجميع بمجرد الاتيان به من بين الأكثر وإن حمل المتابعة على أعم من المتابعة بالكل أو الأكثر ففيه أن ذلك خلاف الظاهر المتبادر ولو صح هذا الدليل فيلزم الحكم الاجزاء لو فرق الشهر الأول وتابع بين بعض أيامه والشهر الثاني وأما الاخبار فلا يظهر منها إلا اغتفار التفريق في الشهر الثاني بسبب العذر نعم قوله (عليه السلام) في صحيحة الحلبي والتتابع أن يصوم شهرا ويصوم من الاخر أياما أو شيئا منه يدل ظاهرا على عدم إخلال التفريق مطلقا في الشهر الثاني بالتتابع المأمور به إذ المعتبر فيه بحكم ظاهر هذا القول وصل الشهرين لكن ما فرعه عليه وفصله بقوله فإن عرض له شئ يفطر منه إلى آخره يدل على هذا الحكم في التفريق والافطار بالعذر فلو أفطر بسبب العذر قبل وصل الشهرين يلزمه وجوبا أو استحبابا الاستيناف ولو أفطر بالعذر بعد الوصل فلا يلزمه ذلك والسكوت عن حكم الافطار من غير عذر يشعر بإخلاله بالتتابع أو عدم جوازه مطلقا ولا استبعاد في عدم إخلال التفريق بسبب العذر بالمتابعة وإخلال التفريق بدونه بها في الشهر الثاني كما يقولون به بعينه في الشهر الأول وحمل عروض الشئ الواقع في هذا الخبر على الافطار في الجملة فبعيد خصوصا عن وصف يفطر منه ويمكن أن يقال أن المستفاد من هذا الخبر أن المعتبر في التتابع وصل الشهرين ولا دليل بعد ذلك على وجوب موالاة أيام الشهر الثاني ومجرد السكوت عن حكم الافطار من غير عذر ولا يدل إلا على أولوية تركه ولا يمكن منه الاستدلال على حرمته فكيف على وجوب الاستيناف به وبالجملة لولا دعوى الاجماع كما علمت لكان الأظهر مراعاة ظاهر الآية والحكم بالاستيناف بالافطار من غير عذر مطلقا ولكن حينئذ فلا يحكم بالاستيناف به في الشهر الثاني في الكفارة البتة وفي النذر إذا كان الناذر عالما بالمسألة أو قاصدا للتتابع المطلق أما لو قصد التتابع الخاص أي بين الستين فالظاهر وجوب الاستيناف به إذ لم يأت بما جعل عليه ثم إنهم بعد وفاقهم على وجوب الاستيناف اختلفوا في كونه مأثوما بهذا الافطار أم لا قال في المختلف قال ابن الجنيد لا يكون مأثوما وهو ظاهر كلام ابن أبي عقيل والشيخ قال المفيد يكون مخطئا وكذا قال السيد المرتضى و هو يشعر بالإثم وصرح أبو الصلاح وابن إدريس بالإثم انتهى وأقول كلام الشيخ في النهاية أيضا يدل على الاثم فقال في باب الكفارات من أوجب عليه صيام شهرين متتابعين في شئ مما ذكرناه من الكفارات فصام شهرا ومن الثاني شيئا ثم أفطر من غير علة كان مخطئا وجاز له البناء عليه وقال في باب الصوم من وجب عليه شئ من هذه الصيام وجب عليه أن يصوم متتابعا فإن لم يتمكن من صيامه متتابعا صام الشهر الأول ومن الشهر الثاني شيئا ثم فرق ما بقي عليه فإن أفطر في الشهر الأول أو الثاني قبل أن يصوم منه شيئا كان عليه الاستيناف اللهم إلا أن يكون سبب إفطاره المرض أو شئ من قبل الله تعالى فإنه يبني عليه على كل حال وربما يوهم كلامه في باب الصوم أن حصول التتابع بشهر ويوم من الثاني إنما يكون مع العجز عن متابعة الجميع فالقادر لا يحصل له المتابعة بوصل الشهرين فيجب عليه الاستيناف ويظهر من ذلك الخلل في الاجماع المنقول ولكن بعد التأمل في كلامه يعلم أن غرضه ليس إلا حرمة الاخلال بالمتابعة وتحقق الاثم به للقادر وأما وجوب الاستيناف فلا يقول به بعد وصل الشهرين والمصنف (ره) أشار إلى الخلاف واختار الأول فقال فيباح التفريق بعده على الأقرب وأشار بالتفريع إلى وجه ما اختاره لان التتابع إذا حصل بوصل الشهرين فلا دليل بعد ذلك كما علمت على وجوب الموالاة في الشهر الثاني حتى يحصل بتركه الاثم والأصل براءة الذمة واحتج الآخرون بأن تتابع الشهرين إنما يحصل بإكمالهما ولم يحصل فتحقق الاثم ولا استبعاد في الاجزاء مع الاثم والجواب كما قال في المختلف المنع من أن التتابع إنما يحصل بإكمالهما ويخدش ذلك أن الظاهر من التتابع إكمالهما والاجماع لم ينعقد على أن المراد من التتابع خلاف ذلك بل هو على جزاء المتفرق وهو لا يقتضي الجواز ولا كون المراد من التتابع غير ما هو المتبادر منه إذ يجوز أن يكون الآية لبيان ما هو الواجب بالأصالة من الشهرين المتتابعين ثم بالاجماع يظهر التخفيف والاجزاء لو أخل بالتتابع في الشهر الثاني لكمال عسر الاستيناف حينئذ وذلك لا يقتضي عدم الاثم في الاخلال وأما الاخبار فقد عرفت صراحة دلالتها ولكن يمكن أن يقال أن إجماعهم في النذر يدل على أن معنى التتابع تواصل الشهرين وبالجملة الاحتياط في التجنب عن الافطار من غير عذر البتة ولو أفطر لعذر بنى مطلقا سواء كان في الشهر الأول أو الثاني أما الثاني فيدل عليه الاجماع والاخبار السالفة وأما الأول فلنفي الحرج والعسر خصوصا في بعض الاعذار كالحيض وللاجماع قال في المنتهى من وجب عليه صوم شهرين متتابعين إما لكفارة أو لنذر فأفطر في الشهر الأول أو بعد انتهائه قبل أن يصوم من الشهر الثاني شيئا فإن كان أفطر لعذر من مرض أو حيض لم ينقطع تتابعه بل ينتظر زوال العذر ثم يتمم الصيام ذهب إليه علماؤنا ولما رواه رفاعة في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل عليه صيام شهرين متتابعين فصام شهرا ومرض قال يبني عليه الله حبسه قلت امرأة كان عليها صيام شهرين متتابعين فصامت وأفطرت أيام حيضها قال تقضيها قلت فإنها قضتها ثم يئست من المحيض قال لا تعيدها أجزأها ذلك وروى محمد بن مسلم في الصحيح عن أبي جعفر (عليه السلام) مثل ذلك وما رواه محمد بن مسلم في الصحيح عن أبي جعفر (عليه السلام) قال سألته عن امرأة تجعل لله عليها صوم شهرين متتابعين فتحيض قال تصوم
(٤٢٩)