فأجابه يصوم يوما بدل يوم وتحرير رقبة مؤمنة ويؤيده أيضا ورود هذه الكفارة في خلف العهد في بعض الاخبار كما سيأتي أقول والرواية الأولى لا يخلو عن كلام في صحة سندها وقطعية متنها أما السند فلما قاله في المسالك من أن هذا الخبر وإن كان قد وصفه بالصحة جماعة من المحققين كالعلامة وولده والشهيد في الشرح إلا أن فيه منعا بينا لان عبد الملك بن عمر ولم ينص أحد عليه بالتعديل وإنما هو ممدوح مدحا بعيد عن التعديل ولم يذكره النجاشي ولا الشيخ في كتابيه وذكره العلامة ونقل عن الكشي أن الصادق (عليه السلام) قال له أنه يدعو له حتى أنه يدعو لدابته وهذا غايته أن يقتضي المدح لا التوثيق مع أن الرواية منقولة عنه ومثل هذا لا يثبت به حكم وغايته أن يكون من الحسن والأولى أن يريدوا بصحتها توثيق رجال إسنادها إلى عبد الملك المذكور وهي صحة إضافية مستعملة في اصطلاحهم كثيرا أقول الظاهر أن إطباق هؤلاء المحققين على وصف هذا الخبر بالصحة في مقام الاستدلال في الكتب المتعددة من تصانيفهم يأبى عن حمل الصحة على الإضافية ويفيد الظن بوصول توثيق رجاله إليهم خصوصا مع نقل ابن داود عن الكشي توثيق عبد الملك ولكن مع ذلك يشكل الحكم بترجيح هذه الرواية على حسنة الحلبي بن إبراهيم بن هاشم مع قطع النظر عن ورودها بالسند الصحيح في الفقيه كما سيأتي فكيف معه وأما المتن فلظهور رائحة تردد الرأي وفي مقول الامام من قوله ولا أعلمه إلا قال والاخبار الأخيرة غير نقية الاسناد مع عدم ظهور متنها في القول المشهور إذ لا بد من حمل التحرير الوارد فيها على ذكر أحد أفراد الخصال المخير فيها وكما يحتمل أن يكون من خصال كفارة رمضان يحتمل أن يكون من خصال كفارة اليمين ولا يبعد استفادة سلار والكراجكي الترتيب من هذه الأخبار مع جريان بعض الوجوه السابقة في ترتيب كفارة رمضان فيها أيضا وحجة قول الصدوق ما رواه الكافي والشيخ في التهذيب عنه في الحسن بن إبراهيم بن هاشم عن الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال إن قلت لله علي فكفارة يمين وهذا مذكور أيضا في أخر خبر عن الحلبي في الفقيه مع صحة سند الفقيه إليه ولكن فيه أن الحلبي قال سئلته إلا أن القرائن تشهد بأن المراد الصادق (عليه السلام) وبالجملة الظاهر رجحان هذا الخبر على الاخبار السالفة ويؤيده ما في صحيحة علي بن مهزيار وقد تقدم ذكرها والبحث عنها في مسألة عدم صحة الصوم الواجب في السفر من قوله (عليه السلام) وإن كنت أفطرت من غير علة فتصدق بعدد كل يوم لسبعة مساكين والظاهر أن السبعة وقعت سهوا في التهذيب والصحيح عشرة مساكين فيكون من إفراد كفارة اليمين ويشهد عليه نقل الفقيه مضمون الرواية بعنوان الفتوى كما هو دأبه في الفقيه و المقنع بلفظ العشرة وذكر الشهيد في المسالك أن نسخة المقنع عنده بخطه الشريف هكذا ويؤيده أيضا ما رواه حفص بن غياث عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سئلته عن كفارة النذر فقال كفارة النذر كفارة اليمين الحديث وما رواه العامة أيضا عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال كفارة النذر كفارة يمين مع اتفاق رواياتهم التي صححوها عنه صلى الله عليه وآله على ذلك كما قاله في المسالك فقد ظهر إذن أن القوة لهذا القول ولكن الاحتياط في العمل بالقول الأول خصوصا مع ذهاب أكثر الأصحاب إليه وقال الشيخ في التهذيب للجمع بين الاخبار أن الكفارة إنما تلزم بحسب ما يتمكن الانسان منه فمن تمكن من عتق رقبة أو صوم شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا كان عليه ذلك فمتى عجز عن ذلك كان عليه كفارة يمين حسب ما تضمنه الخبر الأخير أي حسنة الحلبي والذي يدل على ذلك ما رواه الحسن بن محبوب عن جميل بن صالح عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) أنه قال كل من عجز عن نذر نذره فكفارته كفارة يمين أقول وبعد هذه الصحيحة عن إفادة ما ذكره الشيخ واضح جدا إذ يصير المعنى والتقدير على ما فهمه إن كان من عجز عن كفارة نذر نذره وخالفه فكفارة يمين وهو في كمال البعد عن اللفظ والظاهر أنه (عليه السلام) عبر عن خلف النذر بالعجز أو أراد حقيقة العجز والكفارة باعتبار تجدده بعد التمكن من المنذور والتهاون فيه أو على سبيل الاستحباب أو التقية وعلى التقادير يؤيد قول الصدوق بأن كفارة النذر كفارة يمين وأما العهد فأصحاب القول الأولى في كفارة خلف النذر الحقوا خلفه به في الكفارة لرواية أبي بصير عن أحدهما (عليهما السلام) قال من جعل عليه عهد الله وميثاقه في أمر الله طاعة فحنث فعليه عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا ورواية علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام) قال سئلته عن رجل عاهد الله في غير معصيته ما عليه إن لم يف بعهده فقال يعتق رقبة أو يتصدق أو يصوم شهرين متتابعين والظاهر أن المراد بالصدقة إطعام ستين مسكينا بقرينة الرواية السابقة وما وقع في هذه الرواية أيضا من التردد بينها وبين العتق وصيام الشهرين والروايتان ضعيفتا الاسناد ولكن لا معارض لهما وقيل أن كفارة خلف العهد كفارة يمين لاشتراكهما في الالتزام وأصالة البراءة من الزايد وضعف ما يدل عليه و قيل بالتفصيل الذي مر في النذر من الفرق بين تعلقه بالصوم وغيره ولا وجه للقول به هنا لان الباعث عليه في النذر الجمع بين الروايات المختلفة ولا اختلاف في الرواية هنا مشاركة العهد للنذر في جميع الأحكام مما لا دليل عليه وتوهم وجوب هذه الكفارة لافطار الصوم الواجب على التعيين مطلقا لا وجه له وأقول على القول بوجوب كفارة اليمين في النذر مطلقا كما هو الأقوى بحسب الدليل يشكل القول بزيادة العهد عليهما بمجرد هذين
(٤٢٣)