والواجب ان يقال في جميع صفات العدالة انها اتباع أوامر الله تعالى والانتهاء عن ارتكاب ما نهى عنه مما يسقط العدالة وقد علم مع ذلك أنه لا يكاد يسلم المكلف من البشر من كل ذنب ومن ترك بعض ما أمبه حتى يخرج الله من كل ما وجب له عليه وان ذلك يتعذر فيجب لذلك ان يقال إن العدل هو من عرف بأداء فرائضه ولزوم ما أمر به وتوقى ما نهى عنه وتجنب الفواحش المسقطة وتحرى الحق والواجب في أفعاله ومعاملته والتوقي في لفظه مما يثلم الدين والمروءة فمن كانت هذه حاله فهو الموصوف بأنه عدل في دينه ومعروف بالصدق في حديثه وليس يكفيه في ذلك اجتناب كبائر الذنوب التي يسمى فاعلها فاسقا حتى يكون مع ذلك متوقيا لما يقول كثير من الناس انه لا يعلم أنه كبير بل يجوز أن يكون صغيرا نحو الكذب الذي لا يقطع على أنه كبير ونحو التطفيف بحبة وسرقة باذنجان وغش المسلمين بما لا يقطع عندهم على أنه كبير من الذنوب لأجل أن القاذورات وان لم يقطع على أنها كبائر يستحق بها العقاب فقد اتفق على أن فاعلها غير مقبول الخبر والشهادة أما لأنها متهمة لصاحبها ومسقطة له ومانعة من ثقته وأمانته أو لغير ذلك فان العادة موضوعة على أن من احتملت أمانته سرقة بصلة وتطفيف حبة احتملت الكذب وأخذ الرشا على الشهادة ووضع الكذب في الحديث والاكتساب به فيجب أن تكون هذه الذنوب في إسقاطها للخبر والشهادة بمثابة ما اتفق على أنه فسق يستحق به العقاب وجميع ما اضربنا عن ذكره مما لا يقطع قوم على أنه كبير وقد اتفق على وجوب رد خبر فاعله وشهادته فهذه سبيله في أنه يجب كون الشاهد والمخبر سليما منه
(١٠٣)