باب القول في الجرح هل يحتاج إلى كشف أم لا حدثني محمد بن عبيد الله المالكي قال قرأت على القاضي أبى بكر محمد بن الطيب قال الجمهور من أهل العلم إذا جرح من إلا يعرف الجرح يجب الكشف عن ذلك ولم يوجبوا ذلك على أهل العلم بهذا الشأن والذي يقوى عندنا ترك الكشف عن ذلك إذا كان الجارح عالما والدليل عليه نفس ما دللنا به على أنه لا يجب استفسار العدل عما به صار عنده المزكى عدلا لأننا متى استفسرنا الجارح لغيره فإنما يجب علينا بسوء الظن والاتهام له بالجهل بما يصير به المجروح مجروحا وذلك ينقض جملة ما بنينا عليه امره من الرضا به والرجوع إليه ولا يجب كشف ما به صار مجروحا وان اختلف آراء الناس فيما به يصير المجروح مجروحا كما لا يجب كشف ذلك في العقود والحقوق وان اختلف في كثير منها فالطريق في ذلك واحد فاما إذا كان الجارح عاميا وجب لا محالة استفساره وقد ذكر أن الشافعي إنما أوجب الكشف عن ذلك لأنه بلغه ان انسانا جرح رجلا فسئل عما جرحه به فقال رأيته يبول قائما فقيل له وما في ذلك ما يوجب جرحه فقال لأنه يقع الرشش عليه وعلى ثوبه ثم يصلى فقيل له رأيته يصلى كذلك فقال لا فهذا ونحوه جرح بالتأويل والجهل والعالم لا يجرح أحدا بهذا وأمثاله فوجب بذلك ما قلناه سمعت القاضي أبا الطيب طاهر بن عبد الله بن طاهر الطبري يقول لا يقبل الجرح الا مفسرا وليس قول أصحاب الحديث فلان ضعيف وفلان ليس بشئ مما يوجب جرحه ورد خبره وإنما كان كذلك لان الناس اختلفوا فيما يفسق به
(١٣٥)