فلا بد من ذكر سببه لينظر هل هو فسق أم لا وكذلك قال أصحابنا إذا شهد رجلان بان هذا الماء نجس لم تقبل شهادتهما حتى يبينا سبب النجاسة فان الناس اختلفوا فيما ينجس به الماء وفى نجاسة الواقع فيه قلت وهذا القول هو الصواب عندنا واليه ذهب الأئمة من حفاظ الحديث ونقاده مثل محمد بن إسماعيل البخاري ومسلم بن الحجاج النيسابوري وغيرهما فان البخاري قد احتج بجماعة سبق من غيره الطعن فيهم والجرح لهم كعكرمة مولى بن عباس في التابعين وكاسمعيل بن أبي أويس وعاصم بن علي وعمرو بن مرزوق في المتأخرين وهكذا فعل مسلم بن الحجاج فإنه احتج بسويد بن سيد وجماعة غيره واشتهر عمن ينظر في حال الرواة الطعن عليهم وسلك وأبو داود السجستاني هذه الطريق وغير واحد ممن بعده فدل ذلك على أنهم ذهبوا إلى أن الجرح لا يثبت الا إذا فسر سببه وذكر موجبه أخبرني أبو بكر أحمد بن سليمان بن علي المقرى قال ثنا عبيد الله بن محمد بن أحمد بن علي بن مهران قال أخبرني أحمد بن خلف بن أيوب البزاز المعروف بالسابح قال ثنا أحمد بن محمد بن عبد الله المنقري قال ثنا علي بن عاصم قال ثنا شعبة قال احذروا غيرة أصحاب الحديث بعضهم على بعض فلهم أشد غيرة من التيوس ومذاهب النقاد للرجال غامضة دقيقة وربما سمع بعضهم في الراوي أدنى مغمز فتوقف عن الاحتجاج بخبره وان لم يكن الذي سمعه موجبا لرد الحديث ولا مسقطا للعدالة ويرى السامع إنما فعله هو الأولى رجاء إن كان الراوي حيا ان يحمله ذلك على التحفظ وضبط نفسه عن الغميزة وإن كان ميتا ان ينزله من نقل عنه منزلته فلا يلحقه بطبقة السالمين من ذلك المغمز
(١٣٦)