وكان الرضاع الذي ذكرنا يجب به الفرقة في حال كونه ولا ينتظر بها شئ بعده وكان الاسلام الطارئ على النكاح كل قد أجمع أن فرقة تجب به فقال قوم تجب في وقت إسلام المرأة وهو قول بن عباس رضي الله عنهما وقال آخرون لا تجب الفرقة حتى تعرض على الزوج الاسلام فيأباه فيفرق بينه وبين المرأة أو تختاره فتكون امرأته على حالها وهو قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقال آخرون هي امرأته ما لم يخرجها من أرض الهجرة وهو قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه وسنأتي بأسانيد هذه الروايات في آخر هذا الباب إن شاء الله تعالى فلما ثبت أن إسلام الزوجة الطارئ على النكاح يوجب الفرقة بين المرأة وبين زوجها في حال ما ثبت أن حكم ذلك بحكم الرضاع أشبه منه بحكم العدة فلما كان الرضاع تجب به الفرقة ساعة يكون ولا ينتظر به خروج المرأة من عدتها كان كذلك الاسلام فهذا وجه النظر في هذا الباب ان المرأة تبين من زوجها بإسلامها في دار الاسلام كانت أو في دار الحرب وقد كان أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد رحمهم الله يخالفون هذا ويقولون في الحربية إذا أسلمت في دار الحرب وزوجها كافر إنها امرأته ما لم تحض ثلاث حيض أو تخرج إلى دار الاسلام فأي ذلك كانت بانت به من زوجها وقالوا كان النظر في هذا أن تبين من زوجها بإسلامها ساعة أسلمت وقالوا إذا أسلمت وزوجها في دار الاسلام فهي امرأته على حالها حتى يعرض القاضي على زوجها الاسلام فيسلم فتبقي تحته أو يأبى فيفرق بينهما وقالوا كان النظر في ذلك أن تبين منه بإسلامها ساعة أسلمت ولكنا قلدنا ما روي عن عمر رضي الله عنه فذكروا ما حدثنا أبو بشر الرقي قال ثنا أبو معاوية الضرير عن أبي إسحاق الشيباني عن السفاح عن داود بن كردوس قال كان رجل منا من بني تغلب نصراني تحته امرأة نصرانية فأسلمت فرفعت إلى عمر فقال له أسلمت وإلا فرقت بينكما فقال له لم أدع هذا إلا استحياء من العرب أن يقولوا إنه أسلم على بضع امرأة قال ففرق عمر بينهما حدثنا أبو بكرة قال ثنا هلال بن يحيى قال ثنا أبو يوسف قال ثنا أبو إسحاق الشيباني عن السفاح عن كردوس بن داود التغلبي عن عمر نحوه فقلدوا ما روي عن عمر رضي الله عنه في هذا الذي أسلمت امرأته في دار الاسلام وجعلوا للذي أسلمت امرأته في دار الحرب أجلا إن أسلم فيه وإلا وقعت الفرقة بينه وبين امرأته بدلا من العرض الذي كانوا
(٢٥٩)