قيل له في هذا الحديث ما يدل على أنه أراد قتله بحفينة والهرمزان وهو قولهم أبعدهما الله فمحال أن يكون عثمان رضي الله عنه أراد أن يقتله بغيرهما ويقول الناس له أبعدهما الله ثم لا يقول لهم إني لم أرد قتله بهذين إنما أردت قتله بالجارية ولكنه أراد قتله بهما وبالجارية ألا تراه يقول فكثر في ذلك الاختلاف فدل ذلك أن عثمان رضي الله عنه إنما أراد قتله بمن قتل وفيهم الهرمزان وحفينة فقد ثبت بما ذكرنا ما صح عليه معنى هذا الحديث أن معنى حديثه على الأول على ما وصفنا فانتفى أن يكون فيه حجة تدفع أن يقتل المسلم بالذمي وقد وافق ذلك أيضا رشده ما قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان منقطعا حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عامر قال ثنا سليمان بن بلال عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن البيلماني أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى برجل من المسلمين قد قتل معاهدا من أهل الذمة فأمر به فضرب عنقه وقال أنا أولى من وفي بذمته حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا يحيى بن سلام عن محمد بن أبي حميد المدني عن محمد بن المنكدر عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله والنظر عندنا شاهد لذلك أيضا وذلك أنا رأينا الحربي دمه حلال وماله حلال فإذا صار ذميا حرم دمه وماله كحرمة دم المسلم ومال المسلم ثم رأينا من سرق من مال الذمي ما يجب فيه القطع قطع كما يقطع في مال المسلم فلما كانت العقوبات في انتهاك المال الذي قد حرم بالذمة كالعقوبات في انتهاك المال الذي حرم بالاسلام كان يجئ في النظر أيضا أن تكون العقوبة في الدم الذي قد حرم بالذمة كالعقوبة في الذي قد حرم بالاسلام فإن قال قائل فإنا قد رأينا العقوبات الواجبات في انتهاك حرمة الأموال قد فرق بينهما وبين العقوبات الواجبات في انتهاك حرمة الدم وذلك أنا رأينا العبد يسرق من مال مولاه فلا يقطع ويقتل مولاه فيقتل ففرق بين ذلك فما تنكرون أيضا أن يكون قد فرق بين ما يجب في انتهاك مال الذمي ودمه قيل له هذا الذي ذكرت قد زاد ما ذهبنا إليه توكيدا لأنك ذكرت أنهم أجمعوا أن العبد لا يقطع في مال مولاه وأنه يقتل بمولاه وبعبيد مولاه فما وصفت من ذلك كما ذكرت فقد خففوا أمر المال ووكدوا أمر الدم فأوجبوا العقوبة في الدم حيث لم يوجبوها بالمال فلما ثبت توكيد أمر الدم وتخفيف أمر المال ثم رأينا مال الذمي يجب في انتهاكه على المسلم من العقوبة
(١٩٥)