وكان من الحجة لهم في الحديث الأول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما قال لعبد بن زمعة هو لك يا عبد بن زمعة ولم يقل هو أخوك فقد يجوز أن يكون أراد بقوله هو لك أي هو مملوك لك لحق مالك عليه من اليد ولم يحكم في نسبه بشئ والدليل على ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر سودة بنت زمعة بالحجاب منه فلو كان النبي صلى الله عليه وسلم كان قد جعله بن زمعة إذا لما حجب بنت زمعة منه لأنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يأمر بقطع الأرحام بل كان يأمر بصلتها ومن صلتها التزاور فكيف يجوز أن يأمرها وقد جعله أخاها بالحجاب منه هذا لا يجوز عليه صلى الله عليه وسلم وكيف يجوز ذلك عليه وهو يأمر عائشة رضي الله عنها أن تأذن لعمها من الرضاعة عليها ثم يحجب سودة ممن قد جعله أخاها وابن أبيها ولكن وجه ذلك عندنا والله أعلم أنه لم يكن حكم فيه بشئ غير اليد التي جعله بها لعبد بن زمعة ولسائر ورثة زمعة دون سعد فإن قال قائل فما معنى قوله الذي وصله بهذا الولد للفراش وللعاهر الحجر قيل له ذلك على التعليم منه لسعد أي أنك تدعى لأخيك وأخوك لم يكن له فراش وإنما يثبت النسب منه لو كان له فراش فإذا لم يكن له فراش فهو عاهر وللعاهر الحجر وقد بين هذا المعنى وكشفه ما قد حدثنا علي بن عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة قال ثنا محمد بن قدامة قال ثنا جرير بن عبد الحميد عن منصور عن مجاهد عن يوسف بن الزبير عن عبد الله بن الزبير قال كانت لزمعة جارية يطؤها وكان يظن برجل آخر أنه يقع عليها فمات زمعة وهي حبلى فولدت غلاما كان يشبه الرجل الذي كان يظن بها فذكرته سودة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أما الميراث فله وأما أنت فاحتجبي منه فإنه ليس لك بأخ ففي هذا الحديث أن زمعة كان يطأ تلك الأمة وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لسودة ليس هو لك بأخ يعني بن الموطوءة فدل هذا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن قضى في نسبه على زمعة بشئ وأن وطئ زمعة لم يكن عنده بموجب أن ما جاءت به تلك الموطوءة من ولد منه فإن قال قائل ففي هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أما الميراث فله فهذا يدل على قضائه بنسبه قيل له ما يدل ذلك على ما ذكرت لان عبد بن زمعة قد كان ادعاه وزعم أنه بن أبيه لان عائشة
(١١٥)