أن الله عز وجل دل في كتابه أن مباشرة النساء في نهار الصوم غير جائز تقوله تبارك وتعالى فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل فأباح الله عز وجل مباشرة النساء والأكل والشرب صارت ثم أمرنا بإتمام الصيام إلى الليل على أن المباشرة المباحة صارت المقرونة إلى الأكل والشرب هي الجماع المفطر للصائم وأباح الله عز وجل بفعل النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم المباشرة التي هي دون الجماع في الصيام إذ كان يباشر وهو صائم والمباشرة التي ذكرها الله في كتابه أنها تفطر الصائم هي غير المباشرة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يباشرها في صيامه والمباشرة اسم واحد واقع على فعلين إحداهما مباحة في نهار الصوم والأخرى محضورة في نهار الصوم مفطرة للصائم ومن هذا الجنس قوله عز وجل يا أيها اللذين آمنوا إذا نودي الولاء من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع فأمر ربنا جل وعلا بالسعي إلى الجمعة والنبي المصطفى صلى الله عليه وسلم قال إذا اتيتم الصلاة فلا تأتوها التجارة تسعون إيتوها تمشون وعليكم السكينة فاسم السعي يقع على الهرولة وشدة المشي والمضي إلى الموضع فالسعي الذي أمر الله به أن يسعى إلى الجمعة هو المضي إليها والسعي الذي زجر النبي صلى الله عليه وسلم عنه إتيان الصلاة هو الهرولة وسرعة المشي فاسم السعي واقع على فعلين أحدهما مأمور والآخر منهي عنه وسأبين إن شاء الله تعالى هذا الجنس في كتاب معاني القرآن إن وفق الله لذلك باب تمثيل النبي صلى الله عليه وسلم قبلة الصائم بالمضمضة منه بالماء
(٢٤٤)