وفي معجم الطبراني: أن أبيض قال قد أقلته منه على أن تجعله منى صدقة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم هو منك صدقة، فهذا من النبي صلى الله عليه وسلم مبالغة في مكارم الأخلاق انتهى (عما يحمى) على بناء المفعول (من الأراك) بيان لما هو القطعة من الأرض على ما في القاموس، ولعل المراد منه الأرض التي فيها الأراك. قال المظهر: المراد من الحمي هنا الإحياء إذ الحمى المتعارف لا يجوز لأحد أن يخصه. قاله القاري.
وقال في فتح الودود: الأراك بالفتح شجر والمراد أنه سأله عن الأراك الذي يحمي كأنه قال أي الأراك يجوز أن يحمي يا رسول الله انتهى. وفي النيل وأصل الحمى عند العرب أن الرئيس منهم كان إذا نزل منزلا مخصبا استعوى كلبا على مكان عال فإلى حيث انتهى صوته حماه من كل جانب فلا يرعى فيه غيره، ويرعى هو مع غيره فيما سواه. والحمى هو المكان وهو المحمي وهو خلاف المباح، ومعناه أن يمنع من الإحياء في ذلك الموات ليتوفر فيه الكلأ وترعاه مواش مخصوصة ويمنع غيرها. وأحاديث الباب تدل على أنه يجوز للنبي صلى الله عليه وسلم ولمن بعده من الأئمة إقطاع المعادن، والمراد بالاقطاع جعل بعض الأراضي الموات مختصة ببعض الأشخاص سواء كان ذلك معدنا أو أرضا فيصير ذلك البعض أولى به من غيره، ولكن بشرط أن يكون من الموات التي لا يختص بها أحد.
قال ابن التين: إنه إنما يسمى إقطاعا إذا كان من أرض أو عقار، وإنما يقطع من الفئ ولا يقطع من حق مسلم ولا معاهد. وقد يكون الإقطاع تمليكا وغير تمليك، وعلى الثاني يحمل إقطاعه صلى الله عليه وسلم الدور بالمدينة انتهى (قال) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما لم تنله) بفتح النون أي لم تصله (أخفاف الإبل) أي ما كان بمعزل من المراعي والعمارات. وفيه دليل على أن الإحياء لا يجوز بقرب العمارة لاحتياج البلد إليه لمرعى مواشيهم وإليه أشار بقوله: " ما لم تنله أخفاف الإبل " أي ليكن الإحياء في موضع بعيد لا تصل إليه الإبل السارحة. وفي الفائق: قيل الأخفاف مسان الإبل.
قال الأصمعي: الخف الجمل المسن، والمعنى أن ما قرب من المرعى لا يحمي بل يترك لمسان الإبل وما في معناها من الضعاف التي لا تقوى على الإمعان في طلب المرعى.
كذا في المرقاة. قال المنذري: وأخرجه الترمذي وابن ماجة، وقال الترمذي حسن غريب هذا آخر كلامه، وفي إسناده محمد بن يحيى بن قيس السبأي المأربي. قال ابن عدي: أحاديثه