وربما شبه على من قال إن نصف خيبر صلح ونصفها عنوة بحديث يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم خيبر نصفين نصفا له ونصفا للمسلمين.
قال ابن عبد البر: ولو صح هذا لكان معناه أن النصف له مع سائر ما وقع في ذلك النصف معه لأنها قسمت على ستة وثلاثين سهما فوقع السهم للنبي صلى الله عليه وسلم وطائفة معه في ثمانية عشر سهما، ووقع سائر الناس في باقيها وكلهم ممن شهد الحديبية ثم خيبر. وليست الحصون التي أسلمها أهلها بعد الحصار والقتال صلحا ولو كانت صلحا لملكها أهلها كما يملك أهل الصلح أرضهم وسائر أموالهم، فالحق في هذا ما قاله ابن إسحاق دون ما قاله موسى بن عقبة وغيره عن ابن شهاب. انتهى كلام ابن عبد البر رحمه الله.
قال الحافظ: والذي يظهر أن الشبهة في ذلك قول ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قاتل أهل خيبر فغلب على النخل وألجأهم إلى القصر فصالحوه على أن يجلوا منها وله الصفراء والبيضاء والحلقة ولهم ما حملت ركابهم على أن لا يكتموا ولا يغيبوا. الحديث وفي آخره: فسبى ذراريهم ونساءهم وقسم أموالهم للنكث الذي نكثوا وأراد أن يجليهم فقالوا دعنا في هذه الأرض نصلحها. الحديث أخرجه أبو داود. فعلى هذا كان قد وقع الصلح ثم حدث النقض منهم فزال أثر الصلح ثم من عليهم بترك القتل وأبقاهم عمالا بالأرض ليس لهم فيها ملك، ولذلك أجلاهم عمر، فلو كانوا صولحوا على أرضهم لم يجلوا منها انتهى.
(خمس رسول الله صلى الله عليه وسلم) فيه دليل على أن خيبر قسمت بعد أخذ الخمس قال شمس الدين ابن القيم: إن النبي صلى الله عليه وسلم قسم نصف أرض خيبر خاصة ولو كان حكمها حكم الغنيمة لقسمها كلها بعد الخمس (ثم قسم سائرها) أي باقيها (من أهل الحديبية) قال موسى بن عقبة:
ولما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة من الحديبية مكث بها عشرين ليلة أو قريبا منها ثم خرج غازيا إلى خيبر، وكان الله عز وجل وعده إياها وهو بالحديبية، وكانت الحديبية في السنة السابعة وقال محمد بن إسحاق بإسناده إلى مسور بن محرمة إن النبي صلى الله عليه وسلم انصرف عام الحديبية فنزلت عليه سورة الفتح فيما بين مكة والمدينة فأعطاه الله تعالى فيها خيبر (وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه) خيبر، فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة في ذي الحجة فأقام بها حتى