بأهل الشرك ولا يأخذ عنه مجانا (أن أقيضك به) أي بابن الفرس. قال ابن الأثير: أي أبدلك به وأعوضك عنه، وقد قاضه يقيضه وقايضه مقايضة في البيع إذا أعطاه سلعة وأخذ عوضها سلعة انتهى. وقال الخطابي: معناه أبدلك به وأعوضك منه، والمقايضة في البيوع المعاوضة أن يعطى متاعا ويأخذ آخر لا نقد فيه انتهى (المختارة) أي الدرع المختارة والمنتقاة والنفيسة. قال في المصباح: درع الحديد مؤنثة في الأكثر (من دروع بدر) الدرع ثوب ينسج من زرد الحديد يلبس في الحرب وقاية من سلاح العدو، وجمعها أدرع ودراع ودروع ومصغرها دريع بلا تاء (فعلت) هذا هو محل ترجمة الباب أي أقبل وآخذ منك ابن الفرس عوضا للدرع مني، لكن ما رضي به ذو الجوشن وأجاب بقوله (ما كنت أقيضه) أي أبدل ابن الفرس (بغرة) بضم الغين المعجمة وتشديد الراء أي بفرس فكيف أبدل بالشئ الآخر هو دون الفرس أي الدرع.
قال الخطابي رحمه الله: فيه أن يسمي الفرس غرة وأكثر ما جاء ذكر الغرة في الحديث إنما يراد بها التسمية من أولاد آدم عبدا أو أمة انتهى. وفي النهاية: سمي الفرس في هذا الحديث غرة وأكثر ما يطلق على العبد والأمة ويجوز أن يكون أراد بالغرة النفيس من كل شئ فيكون التقدير ما كنت لأقيضه بالشئ النفيس المرغوب فيه انتهى. قلت: هذا المعنى حسن جدا (قال) أي النبي صلى الله عليه وسلم (فلا حاجة لي فيه) أي في ابن الفرس مجانا بغير عوض. وزاد في أسد الغابة من رواية ابن أبي شيبة: " ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا ذا الجوشن ألا تسلم فتكون من أول هذه الأمة؟ قال قلت لا، قال ولم؟ قال قلت لأني قد رأيت قومك قد ولعوا بك، قال وكيف وقد بلغك مصارعهم؟ قال قلت بلغني، قال فأنى يهدى بك؟ قلت: أن تغلب على الكعبة وتقطنها، قال لعل إن عشت أن ترى ذلك. ثم قال يا بلال خذ حقيبة الرجل فزوده من العجوة، فلما أدبرت قال إنه من خير فرسان بني عامر. قال فوالله إني بأهلي بالعودة إذا أقبل راكب فقلت من أين؟ قال من مكة، فقلت ما الخبر؟ قال غلب عليها محمد وقطنها. قال قلت هبلتني أمي لو أسلمت يومئذ " قال ابن الأثير: قيل إن أبا إسحاق لم يسمع منه وإنما سمع حديثه من ابنه شمر بن ذي الجوشن عنه انتهى. قال المنذري: ذو الجوشن اسمه أوس، وقيل شرحبيل، وقيل عثمان، وسمي ذو الجوشن من أجل أن صدره كان ناتئا، وقيل أن أبا إسحاق لم يسمع منه وإنما سمع من ابنه شمر. وقال أبو القاسم البغوي: ولا أعلم لذي الجوشن غير هذا الحديث ويقال أن أبا إسحاق سمعه من شمر بن ذي الجوشن عن أبيه والله أعلم. هذا آخر كلامه.
والحديث لا يثبت، فإنه دائر بين الانقطاع أو رواية من لا يعتمد على روايته والله أعلم انتهى كلامه. كذا في الشرح.