ورسوله) وبعده (وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه، إن الذين يستأذنوك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم واستغفر لهم الله إن الله غفور رحيم) قال المنذري: في إسناده علي بن الحسين بن واقد وفيه مقال انتهى.
وأخرج عبد الرازق عن عمرو بن ميمون الأودي قال اثنتان فعلهما رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يؤمر فيهما بشئ إذنه للمنافقين وأخذه من الأسارى فأنزل الله (عفا الله عنك لم أذنت لهم) الآية وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله (لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر) قال هذا تفسير للمنافقين حين استأذنوا في القعود عن الجهاد بغير عذر وعذر الله المؤمنين فقال: (فاستأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم) وأخرج البيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله (لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله) قال نسختها الآية التي في سورة النور (إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله إن الله غفور رحيم) فجعل الله النبي صلى الله عليه وسلم بأعلى النظرين في ذلك من غزا غزا في فضيلة ومن قعد قعد في غير حرج وإن شاء انتهى قال الخازن في تفسير سورة البراءة (إنما يستأذنك) يعني في التخلف عن الجهاد معك يا محمد من غير عذر (الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر) وهو المنافقون لقوله (وارتابت قلوبهم) يعني شكت قلوبهم في الإيمان (فهم في ريبهم يترددون) يعني أن المنافقين متحيرون لا مع الكفار ولا مع المؤمنين وقد اختلف علماء الناسخ والمنسوخ في هذه الآيات فقيل إنها منسوخة بالآية التي في سورة النور وهي قوله سبحانه (إن الذين يستأذنونك) الآية. وقيل إنهما محكمات كلها، ووجه الجمع بين هذه الآيات أن المؤمنين كانوا يسارعون إلى طاعة الله وجهاد عدوهم من غير استئذان، فإذا عرض لأحدهم عذر استأذن في التخلف، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مخيرا في الإذن لهم بقوله تعالى:
(فأذن لمن شئت منهم) وأما المنافقون فكانوا يستأذنون في التخلف من غير عذر فعيرهم الله تعالى بهذا الاستئذان لكونه بغير عذر. وقال الخازن في تفسير سورة النور (إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه) أي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم (على أمر جامع) أي يجمعهم من حرب أو صلاة حضرت أو جمعة أو عيد أو جماعة أو تشاور في أمر نزل (لم يذهبوا) أي لم يتفرقوا عنه ولم ينصرفوا عما اجتمعوا له (حتى يستأذنوه إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله، فإذا استأذنوك لبعض شأنهم) أي أمرهم (فأذن لمن شئت منهم) أي في الانصراف والمعنى إن شئت فائذن وإن شئت فلا تأذن انتهى.