(فلم يعب الصائم على المفطر إلخ) قال محمد رحمه الله في الموطأ: من شاء صام في السفر ومن شاء أفطر والصوم أفضل لمن قوي عليه انتهى أي لقوله تعالى: (وان تصوموا خير لكم) وبه قال مالك والشافعي. وقال أحمد والأوزاعي: الفطر أحب مطلقا لحديث " ليس من البر الصيام في السفر " وقال بعض أهل الظاهر: لا يصح الصوم في السفر تمسكا بالحديث المذكور. والجمهور حملوه على مسافر ضره الصوم ويؤيده ما ورد من سبب أي في حديث جابر فرأى زحاما ورجلا قد ظلل عليه الحديث. قاله علي القاري في شرح الموطأ قال المنذري: وأخرجه البخاري ومسلم.
(إنكم قد دنوتم من عدوكم والفطر أقوى لكم) فيه دليل على أن الفطر لمن وصل في سفره إلى موضع قريب من العدو أولى لأنه ربما وصل إليهم العدو إلى ذلك الموضع الذي هو مظنة ملاقاة العدو، ولهذا كان الإفطار أولى ولم يتحتم. وأما إذا كان لقاء العدو متحققا فالإفطار عزيمة لأن الصائم يضعف عن منازلة الأقران ولا سيما عند غليان مراجل الضراب والطعان، ولا يخفى ما في ذلك من الإهانة لجنود المحقين وإدخال الوهن على عامة المجاهدين من المسلمين.
واعلم أن المسافة التي يباح الإفطار فيها هي المسافة التي يباح القصر فيها. والخلاف هنا كان كالخلاف هناك. قاله الشوكاني. قال المنذري: وأخرجه مسلم.