ظاهر العبارة يدل على أن عقبة قرية من الفسطاط، ومن المعلوم أن الفسطاط يقال لمصر والبصرة فعلى هذا المسافة التي بين قرية عقبة وبين الفسطاط هي مقدار المسافة التي كانت بين مزة وبين الموضع الذي خرج إليه دحية الكلبي. والمسافة بين عقبة وبين الفسطاط هي ثلاثة أميال كما ذكره الراوي. لكن لفظ أحمد في مسنده من طريق حجاج ويونس قالا حدثنا الليث حدثني يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن منصور الكلبي عن دحية بن خليفة أنه خرج من قريته إلى قريب من قرية عقبة في رمضان فذكر الحديث، وهذا رواه أحمد في مسند أبي بصرة الغفاري لا في مسند دحية الكلبي.
ومعنى الحديث على رواية أحمد أن دحية الكلبي خرج من قريته مزة إلى قريب من قرية عقبة فتكون المسافة بين مزة وبين عقبة ثلاثة أميال والله أعلم. كذا في الشرح (ثم إنه أفطر وأفطر معه الناس) قال الخطابي: في هذا حجة لمن لم يجد السفر الذي يترخص فيه للإفطار إلا في سفر يجوز فيه القصر، وهو عند أهل العراق ثلاثة أيام، وعند أكثر أهل الحجاز ليلتان أو نحوهما، وليس الحديث بالقوي، وفيه رجل ليس بالمشهور، ثم إن دحية لم يذكر فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفطر في قصر السفر، وإنما قال قوما رغبوا عن هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولعلهم إنما رغبوا عن قبول الرخصة في الإفطار أصلا. وقد يحتمل أن يكون دحية إنما صار في ذلك إلى ظاهر اسم السفر، وقد خالفه غير واحد من الصحابة، وكان ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما لا يريان القصر والإفطار في أقل من أربعة برد وهما أفقه من دحية وأعلم بالسنن. انتهى.