منهم بغير عمد كما أشار إليه تعالى في قوله: (ولولا رجال مؤمنون) الآية. كذا في فتح الباري (لا يسألوني) بتخفيف النون ويشدد، وضمير الجمع لأهل مكة، والمعنى لا يطلبونني (خطة) بضم الخاء المعجمة وتشديد المهملة أي خصلة (يعظمون بها حرمات الله) أي من ترك القتال في الحرم.
قال الخطابي: معنى تعظيم حرمات الله في هذه القصة ترك القتال في الحرم والجنوح إلى المسالمة والكف عن إرادة سفك الدماء. كذا في النيل (إلا أعطيتهم إياها) أي أجبتهم إليها والضمير المنصوب للخطة (ثم زجرها) أي القصواء (فوثبت) أي قامت بسرعة (فعدل عنهم) أي مال عن طريق أهل مكة ودخولها وتوجه غير جانبهم. قاله القاري (بأقصى الحديبية) أي بآخرها من جانب الحرم (على ثمد) بفتح المثلثة والميم أي حفيرة فيها ماء مثمود أي قليل، وقوله قليل الماء تأكيد لدفع توهم أن يراد لغة من يقول إن الثمد الماء الكثير. قاله الحافظ (فجاءه) أي النبي صلى الله عليه وسلم (بديل) بالتصغير (ثم أتاه) الضمير المنصوب للنبي صلى الله عليه وسلم، وفاعله عروة بن مسعود كما فسره الراوي (أخذ بلحيته) أي لحية النبي صلى الله عليه وسلم، وكان عادة العرب أن يتناول الرجل لحية من يكلمه لا سيما عند الملاطفة (قائم على النبي صلى الله عليه وسلم) أي بقصد الحراسة ونحوها من ترهيب العدو (فضرب) أي المغيرة (يده) أي يد عروة حين أخذ لحية النبي صلى الله عليه وسلم إجلالا له لأن هذا إنما يصنع النظير بالنظير وكان عروة عم المغيرة (بنعل السيف) هو ما يكون أسفل القراب من فضة أو غيرها (أي غدر) بوزن عمر معدول عن غادر مبالغة في وصفه بالغدر (أو لست أسعى في غدرتك) أي في دفع شر غدرتك وفي إطفاء شرك وجنايتك ببذل المال. قال ابن هشام في السيرة: أشار عروة بهذا إلى ما وقع للمغيرة قبل إسلامه، وذلك أنه خرج مع ثلاثة عشر نفرا من ثقيف من بني مالك فغدر بهم وقتلهم وأخذ أموالهم، فتهايج الفريقان بنو مالك والأحلاف رهط المغيرة فسعى عروة بن مسعود عم المغيرة حتى أخذوا منه دية ثلاثة عشر نفسا واصطلحوا.