قال ابن تيمية: فهذان المرسلان من هذين الوجهين المختلفين يدلان على ثبوت الحديث لا سيما وقد احتج به من أرسله وذلك يقتضي ثبوته عنده هذا لو لم يرو من وجوه مسندة غير هذين فكيف وقد تقدم مسندا. انتهى.
قال ابن تيمية: وفي الحديث دليل على منع شد الرحل إلى قبره صلى الله عليه وسلم وإلى قبر غيره من القبور والمشاهد لأن ذلك من اتخاذها أعيادا.
قال في فتح المجيد شرح كتاب التوحيد: وهذه هي المسألة التي أفتى فيها شيخ الاسلام أعني من سافر لمجرد زيارة قبور الأنبياء والصالحين، ونقل فيها اختلاف العلماء، فمن مبيح لذلك كالغزالي وأبي محمد المقدسي، ومن مانع لذلك كابن بطة وابن عقيل وأبي محمد الجويني والقاضي عياض وهو قول الجمهور. نص عليه مالك ولم يخالفه أحد من الأئمة وهو الصواب لحديث شد الرحال إلى ثلاثة مساجد كما في الصحيحين. انتهى كلامه.
وأما الآن فالناس في المسجد الشريف إذا سلم الإمام عن الصلاة قاموا في مصلاهم مستقبلين القبر الشريف الراكعين له، ومنهم من يلتصق بالسرادق ويطوف حوله وكل ذلك حرام باتفاق أهل العلم وفيه ما يجر الفاعل إلى الشرك ومن أعظم البدع المحرمة هجوم النسوة حول حجرة المرقد المنور وقيامهن هناك في أكثر الأوقات وتشويشهن على المصلين بالسؤال وتكلمهن مع الرجال كاشفات الأعين والوجوه فإنا لله. إلى ما ذهب بهم إبليس العدو وفي أي هوة أوقعهم في لباس الدين وزي الحسنات. وإن شئت التفصيل في هذه المسألة، فانظر إلى كتب شيوخ الاسلام كابن تيمية وشمس الدين ابن القيم ومحمد بن عبد الهادي من المتقدمين.
وأما من المتأخرين فكشيخنا العلامة القاضي بشير الدين القنوجي رحمه الله تعالى، فإن كتابه أحسن الأقوال في شرح حديث: لا تشد الرحال، والرد على منتهى المقال من أحسن المؤلفة في هذا الباب.
واعلم أن زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم أشرف من أكثر الطاعات وأفضل من أكثر المندوبات لكن ينبغي لمن يسافر أن ينوي زيارة المسجد النبوي ثم يزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم ويصلي ويسلم عليه:
اللهم ارزقنا زيارة المسجد النبوي وزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم آمين.
(ابن الهدير) مصغرا (خرجنا مع رسول الله) أي في المدينة (نريد قبور الشهداء) أي