(باب في الوصال) (نهي عن الوصال) أي تتابع الصوم من غير إفطار بالليل. قال الخطابي: الوصال من خصائص ما أبيح لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محظور على أمته، ويشبه أن يكون المعنى في ذلك ما يتخوف على الصائم من الضعف وسقوط القوة فيعجزوا عن الصيام المفروض وعن سائر الطاعات أو يملوها إذا نالتهم المشقة فيكون سببا لترك الفريضة.
(إني أطعم وأسقى) يحتمل معنيين أحدهما: أني أعان على الصيام وأقوى عليه فيكون ذلك لي بمنزلة الطعام والشراب لكم، ويحتمل أن يكون قد يؤتى على الحقيقة بطعام وشراب يطعمها فيكون ذلك تخصيصا له وكرامة لا يشركه فيها أحد من أصحابه. قاله الخطابي: قال المنذري: وأخرجه البخاري ومسلم.
(يقول: لا تواصلوا فأيكم أراد أن يواصل فليواصل حتى السحر) بالجر بحتى الجارة وهو قول اللخمي من المالكية. ونقل عن أحمد. وعبارة المرداوي في تنقيحه: ويكره الوصال ولا يكره إلى السحر نصا وتركه أولى انتهى. وقال به أيضا ابن خزيمة وطائفة من أهل الحديث (إن لي مطعما) حال كونه (يطعمني) ولي (ساقيا) حال كونه (يسقيني) بفتح أوله. ذكره القسطلاني: قال علي القاري: والحكمة في النهي أنه يورث الضعف والسآمة والقصور عن أداء غيره من الطاعات، فقيل النهي للتحريم، وقيل للتنزيه. قال القاضي: والظاهر الأول انتهى. ويؤيد الثاني ما روته عائشة رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم نهاهم عن الوصال رحمة لهم الحديث كما في رياض الصالحين انتهى. قال المنذري: وأخرجه البخاري ومسلم.