(باب الشهر يكون تسعا وعشرين) أي هذا باب في بيان أن الشهر قد يكون تسعا وعشرين لا أنه يكون دائما كذلك.
(إنا) أي العرب وقيل أراد نفسه (أمة) أي جماعة قريش مثل قوله تعالى: (أمة من الناس يسقون) وقال الجوهري: الأمة الجماعة. وقال الأخفش: هو في اللفظ واحد وفي المعنى جمع، وكل جنس من الحيوان أمة والأمة الطريقة والدين، يقال فلان لا أمة له أي لا دين له ولا نحلة له، وكسر الهمزة فيه لغة. وقال ابن الأثير. الأمة الرجل المفرد بدين لقوله تعالى: (إن إبراهيم كان أمة قانتا لله) قاله العيني (أمية) بلفظ النسب إلى الأم، فقيل: أراد أمة العرب لأنها لا تكتب، أو منسوب إلى الأم لأن المرأة هذه صفتها غالبا، وقيل: منسوبون إلى أم القرى وهي مكة أي إنا أمة مكية. قاله الحافظ في الفتح. وقال العيني: قيل معناه باقون على ما ولدت عليه الأمهات. وقال الداودي: أمة أمية لم يأخذ عن كتب الأمم قبلها إنما أخذت عما جاءه الوحي من الله عز وجل انتهى. (لا نكتب ولا نحسب) بالنون فيهما وهما تفسيران لكونهم أمية. قال الحافظ في الفتح: والمراد أهل الاسلام الذين بحضرته عند تلك المقالة، وهو محمول على أكثرهم، أو المراد نفسه صلى الله عليه وسلم وقيل للعرب أميون لأن الكتابة كانت فيهم عزيزة. قال الله تعالى: (هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم) ولا يرد على ذلك أنه كان فيهم من يكتب ويحسب لأن الكتابة كانت فيهم قليلة نادرة. والمراد بالحساب هنا حساب النجوم وتسييرها ولم يكونوا يعرفون من ذلك أيضا إلا النزر اليسير، فعلق الحكم بالصوم وغيره بالرؤية لرفع الحرج عنهم في معاناة حساب التسيير انتهى.
قال العيني: وقوله: لا نحسب بضم السين (الشهر) أي الذي نحن فيه، أو جنس الشهر وهو مبتدأ (هكذا) مشارا بها إلى نشر الأصابع العشر (وهكذا) ثانيا (وهكذا) ثالثا خبره بالربط بعد العطف، وفسره الراوي بتسعة وعشرين وثلاثين. قلت: لفظ هكذا وهكذا وهكذا ثابت في بعض النسخ ثلاث مرات وفي بعض النسخ هكذا وهكذا مرتان، وكذا أورده البخاري في رواية مختصرا ولفظه الشهر هكذا وهكذا يعني مرة تسعة وعشرين ومرة ثلاثين.