عود الروح لا يكون إلا مرتين لقوله تعالى: (ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين) انتهى كلامه.
وقال العلامة السخاوي في كتاب البديع: رد روحه يلزمه تعدد حياته ووفاته في أقل من ساعة إذ الكون لا يخلو من أن يسلم عليه، بل قد يتعدد في آن واحد كثيرا. وأجاب الفاكهاني وبعضهم بأن الروح هنا بمعنى النطق مجازا فكأنه قال: يرد الله علي نطقي. وقيل إنه على ظاهره بلا مشقة. وقيل: المراد بالروح ملك وكل بإبلاغه السلام وفيه نظر. انتهى.
قال الخفاجي في نسيم الرياض شرح الشفاء للقاضي عياض: واستعارة رد الروح للنطق بعيدة وغير معروفة، وكون المراد بالروح الملك تأباه الإضافة لضمير إلا أنه ملك كان ملازما له، فاختص به على أنه أقرب الأجوبة. وقد ورد في بعض الأحاديث. وقال أبو داود بلغني أن ملكا موكلا بكل من صلى عليه صلى الله عليه وسلم حين يبلغه.
وقد ورد أيضا إطلاق الروح على الملك في القرآن، وإذا خص هذا بالزوار هان أمره.
وجملة: ((رد الله علي روحي)) حالية ولا يلزمها قد إذا وقعت بعد إلا كما ذكره في التسهيل، وهو استثناء من أعم الأحوال. وبالجملة فهذا الحديث لا يخلو من الإشكال. قال الخفاجي: أقول الذي يظهر في تفسير الحديث من غير تكلف أن الأنبياء والشهداء أحياء وحياة الأنبياء أقوى، وإذا لم يسلط عليهم الأرض فهم كالنائمين. والنائم لا يسمع ولا ينطق حتى ينتبه كما قال الله تعالى: (والتي لم تمت في منامها) الآية فالمراد بالرد الإرسال الذي في الآية.
وحينئذ فمعناه أنه إذا سمع الصلاة والسلام بواسطة أو بدونها تيقظ ورد لا أن روحه تقبض قبض الممات ثم ينفخ وتعاد كموت الدنيا وحياتها لأن روحه مجردة نورانية وهذا لمن زاره ومن بعد عنه تبلغه الملائكة سلامه فلا إشكال أصلا انتهى.
قال في غاية المقصود شرح سنن أبي داود بعد ما أطال الكلام: هذا أي تقرير الخفاجي من أحسن التقارير.
وأخرج أبو بكر بن أبي شيبة والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من صلى علي عند قبري سمعته، ومن صلى نائيا بلغته)) ومعنى قوله: نائيا أي بعيدا عني وبلغته بصيغة المجهول مشددا أي بلغته الملائكة سلامه وصلاته علي.
وأخرج أحمد والنسائي والدارمي عن أبي مسعود الأنصاري مرفوعا: ((إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني عن أمتي السلام)) وإسناده صحيح. قاله الخفاجي.
وأخرج أبو الشيخ في كتاب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: حدثنا عبد الرحمن بن أحمد