المتقدمين ولو لم يكن اصطلاحا لهم لم تدل اللغة على إطلاق الصحة عليه، فإنك تقول لأحد المريضين هذا أصح من هذا ولا يدل على أنه صحيح مطلقا انتهى كلامه.
وقال شمس الدين ابن القيم في الإغاثة: أن أبا داود إنما رجح حديث البتة على حديث ابن جريج لأنه روى حديث ابن جريج من طريق فيها مجهول ولم يرو أبو داود الحديث الذي رواه أحمد في مسنده من طريق محمد بن إسحاق أن ركانة طلق امرأته ثلاثا في مجلس واحد، فلذا رجح أبو داود حديث البتة ولم يتعرض لهذا الحديث ولا رواه في سننه ولا ريب أنه أصح من الحديثين، وحديث ابن جريج شاهد له انتهى بقدر الحاجة. وقد نقلناه فيما قبل بأزيد من هذا.
(باب في الوسوسة بالطلاق) قال في القاموس: الوسوسة حديث النفس والشيطان بما لا نفع فيه ولا خير كالوسواس بالكسر والاسم بالفتح وقد وسوس له وإليه (إن الله تجاوز لأمتي) وفي رواية البخاري عن أمتي أي عفا عنهم (عما لم تتكلم به) إن كان قوليا (أو تعمل به) إن كان فعليا (وبما حدثت به أنفسها) بالنصب على المفعولية، يقال: حدثت نفسي بكذا أو بالرفع على الفاعلية يقال:
حدثتني نفسي بكذا. قال الخطابي: وفيه أنه إذا طلق امرأته بقلبه ولم يتكلم به بلسانه فإن الطلاق غير واقع، وبه قال عطاء بن رباح وسعيد بن جبير والشعبي وقتادة والثوري وأصحاب الرأي، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق. وقال الزهري: إذا عزم على ذلك وقع الطلاق لفظ به أو لم يلفظ، وبه قال مالك، والحديث حجة عليه انتهى. واستدل به على أن من كتب الطلاق طلقت امرأته لأنه عزم بقلبه وعمل بكتابته وهو قول الجمهور، وشرط مالك فيه الإشهاد على ذلك. قاله الحافظ. قال المنذري: وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة بنحوه.