وقد أورد الحافظ هذا الحديث في التلخيص من مصنف ابن أبي شيبة بالإسناد السابق الموصول. قال: ورجاله ثقات وأعل بالإرسال. وتفرد جرير بن حازم عن أيوب، وتفرد حسين عن جرير وأيوب. وأجيب بأن أيوب بن سويد رواه عن الثوري عن أيوب موصولا، وكذلك رواه معمر بن جدعان الرقي عن زيد بن حيان عن أيوب موصولا. وإذا اختلف في وصل الحديث وإرساله حكم لمن وصله على طريقة الفقهاء، وعن الثاني بأن جريرا توبع عن أيوب كما ترى، وعن الثالث بأن سليمان بن حرب تابع حسين بن محمد عن جرير انتهى. وقال في الفتح:
والطعن في الحديث فلا معنى له فإن طرقه تقوى بعضها ببعض انتهى. قال المنذري: وأخرجه ابن ماجة وأخرجه أبو داود أيضا مرسلا وقال: وكذا رواه الناس مرسلا معروفا. وقال البيهقي:
وهذا حديث أخطأ فيه جرير بن حازم على أيوب السختياني، والمحفوظ عن أيوب عن عكرمة مرسلا، وروي من وجه آخر عن عكرمة موصولا وهو أيضا خطأ، وذكره من حديث عطاء عن جابر وقال: هذا وهم والصواب مرسل وإن صح ذلك فكأنه كان وضعها في غير كفء فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم انتهى. قلت: ما قاله البيهقي هو تأويل فاسد والحديث قوي حسن والله أعلم.
(باب في الثيب) (الأيم أحق بنفسها من وليها) قال القاضي: اختلف العلماء في المراد بالأيم ههنا، فقال علماء الحجاز والفقهاء كافة المراد الثيب، واستدلوا بأنه جاء مفسرا في الرواية الأخرى بالثيب، وبأنها جعلت مقابلة للبكر، وبأن أكثر استعمالها في اللغة للثيب. وقال الكوفيون وزفر: الأيم ههنا كل امرأة لا زوج لها بكرا كانت أو ثيبا كما هو مقتضاه في اللغة، قالوا: فكل امرأة بلغت فهي أحق بنفسها من وليها، وعقدها على نفسها نكاح صحيح. وبه قال الشعبي والزهري. قالوا: وليس الولي من أركان صحة النكاح بل من تمامه. وقال الأوزاعي وأبو يوسف ومحمد: تتوقف صحة النكاح على إجازة الولي. قال القاضي: واختلفوا أيضا في قوله صلى الله عليه وسلم:
((أحق من وليها)) هل أحق بالإذن فقط أو بالإذن والعقد على نفسها. فعند الجمهور بالإذن فقط،