فتوى أو إقرار أو سكوت ولهذا ادعى بعض أهل العلم أن هذا الاجماع قديم، ولم تجتمع الأمة ولله الحمد على خلافه بل لم يزل فيهم من يفتي به قرنا بعد قرن وإلى يومنا هذا فأفتى به حبر الأمة عبد الله بن عباس وأفتى أيضا بالثلاث أفتى بهذا وهذا، وأفتى بأنها واحدة الزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف حكاه عنهما ابن وضاح، وعن علي وابن مسعود روايتان كما عن ابن عباس. وأما التابعون فأفتى به عكرمة وأفتى به طاوس. وأما تابعوا التابعين فأفتى به محمد بن إسحاق حكاه الإمام أحمد وغيره عنه، وأفتى به خلاس بن عمرو والحارث العكلي.
وأما أتباع تابعي التابعين فأفتى به داود بن علي وأكثر أصحابه، حكاه عنهم ابن المغلس وابن حزم وغيرهما وأفتى به بعض أصحاب مالك، حكاه التلمساني في شرح التفريع لابن حلاب قولا لبعض المالكية، وأفتى به بعض الحنفية حكاه أبو بكر الرازي عن محمد بن مقاتل، وأفتى به بعض أصحاب أحمد، حكاه شيخ الاسلام ابن تيمية عنه قال: وكان الجد يفتي به أحيانا انتهى كلامه.
وذهب الأئمة الأربعة وجمهور العلماء إلى أن الثلاث تقع ثلاثا، وحديث ابن عباس الصحيح الصريح في عدم وقوع الثلاث حجة عليهم. وأجيب من قبلهم عن حديث ابن عباس بأجوبة لا يخلو واحد منها عن التكلف والتعسف ومحل بسطها والكشف عما فيها هو غاية المقصود.
وللقائلين بأن الثلاث واحدة حديث آخر صحيح وهو ما أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده حدثنا سعد بن إبراهيم حدثنا أبي عن محمد بن إسحاق قال: حدثني داود بن الحصين عن عكرمة مولى ابن عباس عن ابن عباس قال: طلق ركانة بن عبد يزيد أخو بني المطلب امرأته ثلاثا في مجلس واحد فحزن عليها حزنا شديدا، قال فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف طلقتها؟