قال: طلقتها ثلاثا، قال: فقال في مجلس واحد؟ قال: نعم، قال: فإنما تملك واحدة فارجعها إن شئت. قال: فراجعها. فكان ابن عباس يرى إنما الطلاق عند كل طهر. قال شمس الدين ابن القيم في اعلام الموقعين: وقد صحح الإمام هذا الإسناد وحسنه. قال الحافظ في فتح الباري: الحديث أخرجه أحمد وأبو يعلى وصححه من طريق محمد بن إسحاق. وهذا الحديث نص في المسألة لا يقبل التأويل الذي في غيره من الروايات. وقد أجابوا عنه بأربعة أشياء أحدها أن محمد بن إسحاق وشيخه مختلف فيهما وأجيب بأنهم احتجوا في عدة من الأحكام بمثل هذا الإسناد كحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم رد على أبي العاص بن الربيع زينب ابنته بالنكاح الأول، وليس كل مختلف فيه مردود. الثاني معارضته بفتوى ابن عباس بوقوع الثلاث كما تقدم من رواية مجاهد وغيره فلا يظن بابن عباس أنه كان عنده هذا الحكم عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم يفتي بخلافه إلا بمرجح ظهر له، وراوي الخبر أخبر من غيره بما روى. وأجيب بأن الاعتبار برواية الراوي لا برأيه لما يطرق رأيه من احتمال النسيان وغير ذلك. وأما كونه تمسك بمرجح فلم ينحصر في المرفوع لاحتمال التمسك بتخصيص أو تقييد أو تأويل، وليس قول مجتهد حجة على مجتهد آخر. الثالث: أن أبا داود رجح أن ركانة إنما طلق امرأته البتة كما أخرجه هو من طريق آل بيت ركانة وهو تعليل قوي لجواز أن يكون بعض رواته حمل البتة على الثلاث فقال: طلقها ثلاثا فبهذه النكتة يقف الاستدلال بحديث ابن عباس الرابع أنه مذهب شاذ فلا يعمل به. وأجيب بأنه نقل عن علي وابن مسعود وعبد الرحمن بن عوف والزبير مثله، نقل ذلك ابن مغيث في كتاب الوثائق له وعزاه لمحمد بن وضاح ونقل الغنوي ذلك عن جماعة من مشائخ قرطبة كمحمد بن تقي بن مخلد ومحمد بن عبد السلام الخشني وغيرهما، ونقله ابن المنذر عن أصحاب ابن عباس كعطاء وطاووس وعمرو بن دينار انتهى كلام الحافظ.
(٢٠٠)