قوله (اتقوا فراسة المؤمن) الفراسة بالكسر اسم من قولك تفرست في فلان الخير وهي على نوعين أحدهما ما دل عليه ظاهر الحديث وهو ما يوقعه الله في قلوب أوليائه فيعلمون بذلك أحوال الناس بنوع من الكرامات وإصابة الحدس والنظر والظن والتثبت والنوع الثاني ما يحصل بدلائل التجارب والخلق والأخلاق تعرف بذلك أحوال الناس أيضا وللناس في علم الفراسة تصانيف قديمة وحديثه كذا في النهاية والخازن وقال المناوي اتقوا فراسة المؤمن أي اطلاعه على ما في الضمائر بسواطع أنوار أشرقت على قلبه فتجلت له بها الحقائق (فإنه ينظر بنور الله) أي يبصر بعين قلبه المشرق بنور الله تعالى وأصل الفراسة أن بصر الروح متصل ببصر العقل في عيني الانسان فالعين جارحة والبصر من الروح وإدراك الأشياء من بينهما فإذا تفرغ العقل والروح من أشغال النفس أبصر الروح وأدرك العقل ما أبصر الروح وإنما عجز العامة عن هذا الشغل أرواحهم بالنفوس واشتباك الشهوات بها فشغل بصر الروح عن درك الأشياء الباطنة ومن أكب على شهواته وتشاغل عن العبودية حتى خلط على نفسه الأمور وتراكمت عليه الظلمات كيف يبصر شيئا غاب عنه (ثم قرأ) رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن في ذلك لايات للمتوسمين) قال ابن عباس للناظرين وقال قتادة للمعتبرين وقال مقاتل للمتفكرين وقال مجاهد للمتفرسين قال الخازن ويعضد هذا للتأويل ما روي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اتقوا فراسة المؤمن الخ قوله (هذا حديث غريب) وأخرجه البخاري في التاريخ وابن جرير وابن أبي حاتم وابن السني وأبو نعيم وابن مردويه والخطيب وأخرجه الحكيم الترمذي والطبراني وابن عدي عن أبي أمامة وأخرجه ابن جرير في تفسيره عن ابن عمر وأخرجه أيضا ابن جرير عن ثوبان وأخرجه أيضا ابن جرير والبزار عن أنس مرفوعا بلفظ إن لله عبادا يعرفون الناس بالتوسم قوله (وقد روى عن بعض أهل العلم في تفسير هذه الآية الخ) روى ابن جرير في تفسيره بإسناده عن مجاهد إن في ذلك لايات للمتوسمين قال للمتفرسين انتهى وأصل التوسم
(٤٤١)