قال العلماء هذه المناشدة إنما فعلها النبي ليراه أصحابه بتلك الحال فتقوى قلوبهم بدعائه وتضرعه مع أن الدعاء عبادة وقد كان وعده الله تعالى إحدى الطائفتين إما العير وإما الجيش وكانت العير إما ذهبت وفانت فكان على ثقة من حصول الأخرى ولكن سأل تعجيل ذلك وتنجيزه من غير أذى يلحق المسلمين (فإنه سينجز لك ما وعدك) قال الخطابي لا يجوز أن يتوهم أحد أن أبا بكر كان أوثق بربه من النبي في تلك الحال بل الحامل للنبي على ذلك شفقته على أصحابه وتقوية قلوبهم لأنه كان أول مشهد شهده فبالغ في التوجه والدعاء والابتهال لتسكن نفوسهم عند ذلك لأنهم كانوا يعلمون أن وسيلته مستجابة فلما قال أبو بكر ما قال كف عن ذلك وعلم أنه استجيب له لما وجد أبو بكر في نفسه من القوة والطمأنينة فلهذا عقب بقوله سيهزم الجمع (إذ تستغيثون ربكم) أي تطالبون منه الغوث بالنصر عليهم (فاستجاب لكم) أي فأجاب دعاءكم (إني ممدكم) أي بأني معينكم (بألف من الملائكة مردفين) أي متتابعين يردف بعضهم بعضا قوله هذا حديث حسن صحيح غريب وأخرجه أحمد ومسلم وأبو داود وأخرجه البخاري مختصرا عليك العير) أي عير أبي سفيان التي كان رسول الله خرج بالمسلمين من المدينة يريدها فبلغ ذلك أهل مكة فأسرعوا إليها وسبقت العير المسلمين فلما فاتهم العير نزل النبي بالمسلمين بدرا فوقع القتال وهذه العير يقال كانت ألف بعير وكان المال خمسين ألف دينار
(٣٧٤)