إذا عرفت هذا فتقول في تأويل الآية وجوه صحيحة سليمة خالية عن هذه المفاسد التأويل الأول ما ذكره القفال فقال إنه تعالى ذكر هذه القصة على تمثيل ضرب المثل وبيان أن هذه الحالة صورة حالة هؤلاء المشركين في جهلهم وقولهم بالشرك وتقرير هذا الكلام كأنه تعالى بقول هو الذي خلق كل واحد منكم من نفس واحدة وجعل من جنسها زوجها إنسانا يساويه في الإنسانية فلما تغشى الزوج الزوجة وظهر الحمل دعا الزوج والزوجة ربهما لئن آتيتنا ولدا صالحا سويا لنكونن من الشاكرين لآلائك ونعماتك فلما آتاهما الله ولدا صالحا سويا جعل الزوج والزوجة شركاء فيما آتاهما لأنهم تارة ينسبون ذلك للطبائع كما هو قول الطبائعيين وتارة إلى الكواكب كما هو قول المنجمين وتارة إلى الأصنام والأوثان كما هو قول عبدة الأصنام ثم قال تعالى فتعالى الله عما يشركون أي تنزه الله عن ذلك الشرك وهذا جواب في غاية الصحة والسداد ثم ذكر باقي التأويلات من شاء الوقوف عليها فليراجع تفسيره وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره قال ابن جرير حدثنا ابن وكيع حدثنا سهل بن يوسف عن عمرو عن الحسن جعلا له شركاء فيما آتاهما قال كان هذا في بعض أهل الملل ولم يكن بآدم وحدثنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا محمد بن ثور عن معمر قال قال الحسن عنى بها ذرية آدم ومن أشرك منهم بعده يعني جعلا له شركاء فيما آتاهما وحدثنا بشر حدثنا يزيد حدثنا سعيد عن قتادة كان الحسن يقول هم اليهود والنصارى رزقهم الله أولادا فهودوا ونصروا وهذه أسانيد صحيحة عن الحسن رضي الله تعالى عنه أنه فسر الآية بذلك وهو من أحسن التفاسير وأولى ما حملت عليه الآية ولو كان هذا الحديث يعني حديث سمرة المذكور عنده محفوظا عن رسول الله لما عدل عنه هو ولا غيره لا سيما مع تقواه لله وورعه فهذا يدلك على أنه موقوف على الصحابي ويحتمل أنه تلقاه من بعض أهل الكتاب من آمن منهم مثل كعب ووهب بن منبه وغيرهما إلا إنما برئنا من عهدة المرفوع انتهى أما أثر ابن عباس الذي ذكره الرازي فهو مروي من طرق متعددة بألفاظ مختلفة وهو يحتمل أن يكون مأخوذا من الإسرائيليات قال الحافظ ابن كثير بعد ذكره من الطرق المتعددة بالألفاظ المختلفة ما لفظه وقد تلقى هذا الأثر عن ابن عباس جماعة من أصحابه كمجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة ومن الطبقة الثانية قتادة والسدي وغير واحد من السلف وجماعة من الخلف ومن المفسرين من المتأخرين جماعات لا يحصون كثرة وكأنه أصله مأخوذ من أهل الكتاب فإن ابن عباس رواه عن أبي بن كعب كما رواه ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا أبو
(٣٦٩)