قوله (فإذا الناس يخوضون في الأحاديث) أي أحاديث الناس وأباطيلهم الأخبار والحكايات والقصص ويتركون تلاوة القرآن وما يقتضيه من الأذكار والآثار والخوض أصله الشروع في الماء والمرور فيه ويستعار الشروع في الأمور وأكثر ما ورد في القرآن ورد فيما يذم الشروع فيه نحو قوله تعالى فذرهم في خوضهم يلعبون قوله (أوقد فعلوها؟) قال الطيبي أي ارتكبوا هذه الشنيعة وخاضوا في الأباطيل فإن الهمزة والواو العاطفة يستدعيان فعلا منكرا معطوفا عليه أي فعلوا هذه الفعلة الشنيعة وقال القاري أي اتركوا القرآن وقد فعلوها أي وخاضوا في الأحاديث (أما) للتنبيه (ألا) للتنبيه أيضا (إنها) الضمير للقصة (ستكون فتنة) أي عظيمة قال ابن الملك يريد بالفتنة ما وقع بين الصحابة أو خروج التتار أو الدجال أو دابة الأرض انتهى قال القاري وغير الأول لا يناسب المقام كما لا يخفى (فقلت ما المخرج منها) بفتح الميم اسم ظرف أو مصدر ميمي أي ما طريق الخروج والخلاص من الفتنة يا رسول الله قال الطيبي أي موضع الخروج أو السبب الذي يتوصل به إلى الخروج عن الفتنة (قال كتاب الله) أي طريق الخروج منها تمسك كتاب الله على تقدير مضاف (فيه نبأ ما قبلكم) أي من أحوال الأمم الماضية (وخبر ما بعدكم) وهي الأمور الآتية من أشراط الساعة وأحوال القيامة وفي العبارة تفنن (وحكم ما بينكم) بضم الحاء وسكون الكاف أي حاكم ما وقع أو يقع بينكم من الكفر والإيمان والطاعة والعصيان والحلال والحرام وسائر شرائع الإسلام (وهو الفصل) أي الفاصل بين الحق والباطل أو المفصول والمميز فيه الخطأ والصواب وما يترتب عليه الثواب والعذاب وصف بالمصدر مبالغة (ليس بالهزل) أي جد كله وحق جميعه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه والهزل في الأصل القول المعرى عن المعنى المرض واشتقاقه من الهزال ضد السمن والحديث مقتبس من قوله تعالى إنه لقول فصل وما هو بالهزل (من تركه) أي القران إيمانا وعملا (من جبار) بين التارك بمن جبار ليدل على أن الحامل له على الترك إنما هو التجبر والحماقة قال الطيبي من ترك العمل بآية أو بكلمة من القرآن مما يجب العمل به أو ترك قراءتها من التكبر كفر ومن ترك عجزا أو كسلا أو ضعفا مع اعتقاد تعظيمه فلا إثم عليه أي بترك القراءة ولكنه محروم كذا في المرقاة (قصمه) أي أهلكه أو كسر عنقه وأصل القصم الكسر والإبانة
(١٧٦)