قوله (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) قال الطيبي أي خير الناس باعتبار التعلم والتعليم من تعلم القرآن وعلمه انتهى قال القاري في المرقاة ولا يتوهم أن العمل خارج عنهما لأن العلم إذا لم يكن مؤرثا للعمل ليس علما في الشريعة إذ أجمعوا على أن من عصى الله فهو جاهل انتهى قال الحافظ فإن قيل يلزم أن يكون المقرئ أفضل من الفقيه قلنا لا لأن المخاطبين بذلك كانوا فقهاء النفوس لأنهم كانوا أهل اللسان فكانوا يدرون معاني القرآن بالسليقة أكثر مما يدريها من بعدهم بالاكتساب فكان الفقه لهم سجية فمن كان في مثل شأنهم شاركهم في ذلك لا من كان قارئا أو مقرئا محضا لا يفهم شيئا من معاني ما يقرأه أو يقرئه فإن قيل فيلزم أن يكون المقرئ أفضل ممن هو أعظم عناء في الاسلام بالمجاهدة والرباط والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مثلا قلنا حرف المسألة يدور على النفع المتعدي فمن كان حصوله عنده أكثر كان أفضل فلعل من مضمرة في الخبر ويحتمل أن تكون الخيرية وإن أطلقت لكنها مقيدة بناس مخصوصين خوطبوا بذلك كان اللائق بحالهم ذلك أو المراد خير المتعلمين من يعلم غيره لا من يقتصر على نفسه انتهى قوله (قال أبو عبد الرحمن فذاك الذي أقعدني مقعدي هذا) أي هذا الحديث الذي حدثني به عثمان هو الذي أجلسني مجلسي هذا يعني هو الذي حملني على جلوسي مجلسي هذا للإقراء (وعلم) أي أبو عبد الرحمن (في زمان عثمان حتى بلغ الحجاج) وفي رواية البخاري وأقرأ أبو عبد الرحمن في أمرة عثمان حتى كان الحجاج قال الحافظ أي حتى ولى الحجاج على العراق قال بين أول خلافة عثمان وآخر ولاية الحجاج اثنتان وسبعون سنة إلا ثلاثة أشهر وبين آخر خلافة عثمان وأول ولاية الحجاج العراق ثمان وثلاثون سنة ولم أقف على تعيين ابتداء إقراء أبي عبد الرحمن وآخره فالله أعلم بمقدار ذلك ويعرف من الذي ذكرته أقصى المدة وأدناها والقائل وأقرأ إلخ هو سعد بن عبيدة انتهى كلام الحافظ
(١٧٩)