(ومن ابتغى الهدى) أي طلب الهداية من الضلالة (في غيره) من الكتب والعلوم التي غير مأخوذة منه ولا موافقة معه (أضله الله) أي عن طريق الهدى وأوقعه في سبيل الردى (وهو) أي القرآن (حبل الله المتين) أي الحكم القوي والحبل مستعار للوصل ولكل ما يتوصل به إلى شئ أي الوسيلة القوية إلى معرفة ربه وسعادة قربه (وهو الذكر) أي ما يذكر به الحق تعالى أو ما يتذكر به الخلق أي يتعظ (الحكيم) أي ذو الحكمة (هو الذي لا تزيغ) بالتأنيث والتذ كير أي لا تميل عن الحق (به) أي باتباعه (الأهواء) أي الهوى إذا وافق هذا الهدى حفظ من الردى وقيل معناه لا يصير به مبتدعا وضالا يعني لا يميل بسببه أهل الأهواء والآراء وقال الطيبي أي لا يقدر أهل الأهواء على تبديله وتغييره وإمالته وذلك إشارة إلى وقوع تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين فالباء للتعدية وقيل الرواية من الإزاغة بمعنى الإمالة والباء لتأكيد التعدية أي لا تميله الأهواء المضلة عن نهج الاستقامة إلى الإعوجاج وعدم الإقامة كفعل اليهود بالتوراة حين حرفوا الكلم عن مواضعه لأنه تعالى تكفل بحفظه قال تعالى إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون (ولا تلتبس به الألسنة) أي لا تتعسر عليه ألسنة المؤمنين ولو كانوا من غير العرب قال تعالى فإنما يسرناه بلسانك ولقد يسرنا القرآن للذكر وقيل لا يختلط غيره بحيث يشتبه الأمر ويلتبس الحق بالباطل فإن الله تعالى يحفظه أو يشتبه كلام الرب بكلام غيره لكونه كلاما معصوما دالا على الاعجاز (ولا يشبع منه العلماء) أي لا يصلون إلى الإحاطة بكنهه حتى يقفوا عن طلبه وقوف من يشبع من مطعوم بل كلما اطلعوا على شئ من حقائقه اشتاقوا إلى أخر أكثر من الأول وهكذا فلا شبع ولا سآمة (ولا يخلق) بفتح الياء وضم اللام وبضم الياء وكسر اللام من خلق الثوب إذا بلي وكذلك أخلق (عن كثرة الرد) أي لا تزول لذة قراءته وطراوة تلاوته واستماع أذكاره وأخباره من كثرة تكراره قال القاري وعن علي بابها أي لا يصدر الخلق من كثرة تكراره كما هو شأن كلام غيره تعالى وهذا أولى مما قاله ابن حجر من أن عن بمعنى مع انتهى قلت قد وقع في بعض نسخ الترمذي على مكان عن وهو يؤيد ما قاله ابن حجر (ولا تنقضي عجائبه) أي لا تنتهي غرائبه التي يتعجب منها قيل كالعطف التفسيري للقرينتين السابقتين ذكره الطيبي (هو الذي لم تنته الجن)
(١٧٧)