لو لم يصل الدين والوصية إلى أهلهما يكون لهما الرجوع عليها، وعلى سائر الورثة الذين تصرفوا في المال، أو يبطل التصرفات فتكون موقوفة، وفيه تأمل، ويمكن دعوى ظهور اخراجهما مقدمة [من الآية] ويؤيده الرواية.
وبالجملة المسألة مشكلة وقد فصل الأصحاب القول واختلفوا فيها حتى أنه وقع الفتوى في القواعد في ثلاث مواضع كل واحد على خلاف الآخر، ولكن ذكروها في الدين فقط، وما توجهوا إلى الوصية، والظاهر أن الحكم واحد لظاهر الآية، فينبغي الرجوع إلى كلامهم، والبحث عنها هناك، ثم كون الوصية والدين من الثلث أو من الأصل وباقي مسائلهما يعلم من محلهما من كتب الأصحاب ورواياتهم، وظاهر الآية كونهما من الأصل، فتخصص الوصية بالإجماع والسنة فتأمل.
واعلم أنهم قد اختلفوا في معنى " آباؤكم وأبنائكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا " وليس من مقصود هذا التعليق بيانه، ويمكن أن يكون المعنى أن الذي فعله تعالى في أمر الإرث هو مقتضى علمه وحكمته، فقرر للآباء كذا، وللأبناء كذا، وما فوض الأمر إليكم وإلى علمكم، بأن من كان أقرب نفعا يعطى أكثر والأقل أقل فإنكم ما تعرفون أيهما أقرب نفعا، والله هو العالم بالأقرب نفعا أو أن مجرد كونهم آباءكم وأبناءكم كاف للإرث، وأما أن الأقرب نفعا يكون له أكثر فأنتم ما تعرفون ذلك، أو أنتم ما تعرفون من هم؟ قال القاضي: لا تعلمون من أنفع لكم ممن يرثكم من أصولكم وفروعكم، وعاجلكم وآجلكم، فتحروا فيهم ما وصاكم الله فيه ولا تعمدوا إلى تفضيل بعض وحرمان بعض.
وقال في الكشاف: أي لا تدرون من أنفع لكم من آبائكم وأبنائكم الذين يموتون أمن أوصى منهم أم من لم يوص؟ يعني أن من أوصى ببعض ماله فعرضكم لثواب الآخرة بإمضاء وصيته فهو أقرب لكم نفعا من ترك الوصية، فوفر عليكم عرض الدنيا، وجعل ثواب الآخرة أقرب وأحضر من عرض الدنيا، ذهابا إلى حقيقة الأمر، ثم نقل أقاويل أخرى وقال: وليس شئ من هذه الأقاويل بملائم