منه في الأمور كلها، واعتقاد أنه لا يصير الانسان من عند نفسه وفعله من دون توفيق الله وهدايته إياه مقبولا عنده بل مسلما أيضا.
ثم اعلم أيضا أن في نظم السورة دلالة ما على طريق تعليم الدعاء وهو كونه بعد التسمية والتحميد والثناء والتوسل بالعبادة كما هو المتعارف وورد به الرواية (1).
وأيضا إني ما رأيت أحدا يتوجه إلى استنباط هذه الأحكام من الفاتحة نعم ذكروا في تفسيرها ما يمكن الاستنباط منه، وكأنهم تركوها للظهور أو لوجودها في غيرها والله يعلم.
ولما توقفت صحة العبادة على الإيمان أشرت إلى بعض الآيات التي تتعلق به، منها " أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون " وهي إشارة إلى المتقين " الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ومما رزقناهم ينفقون " أما إعرابها فظاهر فإن " أولئك " مبتدأ و " على هدى " متعلق بمقدر خبره و " من ربهم " متعلق بمقدر صفة هدى وكذا أولئك الثاني مبتدأ، والمفلحون خبره، وهم ضمير فصل لا محل له من الإعراب عند البعض، ومبتدأ وما بعده خبره، والجملة خبر أولئك عند الآخرين، واختير أولئك وكرر للتأكيد والتصريح والمبالغة في كون الفلاح للمتقين والموصوفين بالصفات المذكورة كما أن الفصل يدل عليه مع إفادته الحصر، وكذا تعريف الخبر. وأما لغتها فأيضا ظاهرة إذ الهداية هي الدلالة على ما يوصل إلى المطلوب أو الدلالة الموصلة ولعل الثاني أولى، والفلاح النجاح والظفر على ما قيل والمعنى أن هؤلاء الموصوفين هم الذين اتصفوا بهداية من الله أو المنتفعون بها دون غيرهم، وأنهم الظافرون بالبغية والمطلوب وهو الخلاص من النار لا غيرهم.
وأما الدلالة على الأحكام فلا يخلو من خفاء، بيانها أنها تدل على وجوب ما هو سبب الفلاح من التقوى والإيمان بالغيب، وإقامة الصلاة، أي فعلها والمحافظة عليها أفعالا، وكيفية، ووقتا، وإيتاء الزكاة مستحقها، والإنفاق مما رزقهم الله مطلقا لا من المحرمات وذلك لأنه يفهم منه حصر الفلاح في فعل هذه المذكورات، و