لقوله فيما سبق هذه " ومن الذين هادوا " الآية وما بعدها " وكيف يحكمونك و عندهم التوراة " وأيضا الظاهر أن دفع الظلم واجب سواء التزمنا الذب أم لا عن المسلم والكافر كتابيا كان أو غيره، وأيضا لا ظلم على ما حملناه عليه، فلعل القول الأول للشافعي هو قول أصحابنا.
ويدل على نهي الحكام بل المكلف أن يخشوا غير الله في حكوماتهم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويداهنوا فيها فيترك ذلك خشية [ظلمهم ومراقبة كبيرهم] قوله تعالى " ولا تخشوا الناس واخشون " (1) ولكن الظاهر أنه خرج منه التقية في موضعها بإجماع الأصحاب وأخبارهم.
وأيضا نهى عن الرشوة قوله " ولا تشتروا " (2) أي لا تستبدلوا " بآياتي ثمنا قليلا " وإن كان ملك الدنيا فإنه قليل بالنسبة إلى الآخرة.
السابعة: يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله وإلى الرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر (3).
لما أمر الله سبحانه وتعالى في الآية السابقة الحكام بأداء الأمانات إلى أهلها منها الإمامة والخلافة إذا كانت بيد غير أهلها وبالحكم بالعدل بين الناس، وعدم الظلم و الجور بقوله " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل " الآية، أمر الناس والرعية بأن يطيعوهم وينزلوا على قضاياهم وفي أولي الأمر خلاف قيل العلماء والمجتهدون وقيل أمراء المسلمين والحكام، و إن كانوا جائرين، وذلك هو المشهور بين أهل السنة، فهم يوجبون طاعة حكام الجور وإن كانوا فساقا غير عدول، بل يكونون في غاية الفسق والفجور، ولا يشترطون غير الاسلام كما يوجبون طاعة الله وطاعة رسوله.