مجتهدا، ومعلوم أن كل من فعل شيئا خصوصا مثل هذه الأمور ليس بمجتهد ولم يعلم صحة الايمان عند الله إلا أن يريد بها كونه مانعا وحاقنا لدمه وأيضا لم يعلم كونه مكرها إلا أن سوق الكلام يدل على أنه يعلم على أنه لو لم يؤمن لقتل وهو ظاهر فإن الكفار يقاتلون ويخوفون بالقتل والضرب والنهب، ليسلموا، وإنهم لو أسلموا لقبل ظاهرا، بل في نفس الأمر أيضا، إذا صار اعتقادا وعلما ويقينا و هو ظاهر.
الثانية: إن الذين توفيهم الملائكة (1).
يحتمل الماضي والمضارع فيكون تتوفاهم بحذف إحدى التاءين، ويؤيد الأول قراءة " توفتهم الملائكة " " ظالمي أنفسهم " حال عن المفعول، أي أن الذين أماتتهم الملائكة حال كونهم ظالمين على أنفسهم بالعصيان بترك الهجرة الواجبة، و موافقة الكفار باظهار عدم الايمان، فإنها نزلت في جماعة من أهل مكة أسلموا ولم يهاجروا حين كانت الهجرة فريضة " قالوا " الضمير للملائكة حال عنهم بتقدير قد وخبر " إن الذين " " أولئك " ويكون دخول الفاء لتضمنه معنى الشرط، و يحتمل كونه خبرا بتقدير " لهم " و " فأولئك " عطف عليه، أي قالت الملائكة لهم حين توفتهم " فيم كنتم " أي في أي شئ كنتم من أمر دينكم توبيخا وتبكيتا بأنهم لم يكونوا في شئ من الدين، حيث تركوا الهجرة الواجبة مع القدرة، و تركوا إظهار الاسلام لعدم مبالاتهم بالشريعة " قالوا " مجيبين معتذرين " كنا مستضعفين في الأرض " أي غير قادرين على الهجرة، لعدم المؤنة على السفر أو غير قادرين على إظهار الايمان لضعفهم " قالوا " أي الملائكة تكذيبا لهم على الأول " ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها " يعني كنتم قادرين على الهجرة، وعلى الثاني بأنكم كنتم قادرين على الاظهار فلم لم تهاجروا عن مكة " فأولئك " أي الذين توفتهم الملائكة وقالوا كنا الخ " مأواهم " ومسكنهم " جهنم " لتركهم الهجرة وإظهار إعلام الدين