والرزق الحسن ما أحل من ثمرها كالخل والزبيب والرب والتمر، وقيل المراد بالسكر ما يشرب من أنواع الأشربة مما يحل والرزق الحسن ما يؤكل، قال أبو مسلم لا حاجة إلى ذلك سواء كان حراما أم لم يكن لأنه تعالى خاطب المشركين وعدد أنعامه عليهم بهذه الثمرات، والخمر من أشربتهم، فكانت نعمة عليهم وفيه تأمل.
وقال أيضا وقد أخطأ من تعلق بهذه الآية في تحليل النبيذ لأنه سبحانه إنما أخبر عن فعل يتعاطونه فأي رخصة في هذا اللفظ، وأنت تعلم أن البعض لا يخلو عن تكلف وهو ظاهر، ويحتمل أن يكون هذه عبرة بتقدير ولكم في الأشجار أيضا لعبرة نسقيكم، أو تتخذون من ثمرات النخيل على ما تقدم من كون " من ثمرات " متعلقه بنسقيكم المقدر، أو " تتخذون " ومثل هذا الحذف غير عزيز في القرآن العزيز وهو ظاهر لمن تأمله.
وحينئذ لا شك في وجود العظة والعبرة بأخذ الخمر الذي هو في غاية المرارة والسكر، وفيها منافع للبدن في الدنيا كما أشار إليه في قوله " ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما " وأخذ الدبس منه، وكذا الخل والتمر والعنب، و الغرض إظهار القدرة على الأشياء العزيزة البعيدة عن العقل لتجوز الإعادة للثواب والعقاب، لرفع استبعاد المشركين وإن لم يكن حلالا، إذ يجوز عدم كون الغرض في الكل الامتنان فإن الذي قادر على إيجاد مثل هذه الأمور من الشجر اليابس بل من نواة مرة لا شك أنه قادر على الإعادة، كما أن القادر على اخراج لبن خالص من بين الفرث والدم من غير مخالطة بأحدهما لونا وطعما وريحا فتأمل.
وكذلك يحتمل أن يكون الغرض في ذكر النحل وإظهار قدرته على البيت المشتمل على الأمور الغريبة التي لم يقدر عليه أقوى المهندسين وحصول العسل منه الذي يعجز عن فهمه العقول وعن إدراكه الفحول، بحيث يتيقن كل عاقل أنه لا يقدر على مثل ذلك الممكن، بل الواجب القادر على كل شئ المتصف بالصفات الكاملة التي لا يعرفها إلا هو، والمبري عن الصفات الناقصة، وبالجملة لا شك في