فيدل على وجوب الوفاء فتأمل وفي قوله تعالى " أني نذرت للرحمان صوما فلن أكلم اليوم إنسيا " (1) دلالة على جواز نذر عدم التكلم، وكأنه مخصوص بتلك الشريعة ولهذا قال الأصحاب إن صوم الصمت حرام.
* (الثاني العهد) * وفيه آيات:
الأولى: وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا (2).
الثانية: وبعهد الله أوفوا (3).
الجار متعلق بعده أي " أوفوا " للتأكيد والمبالغة للحصر المستفاد أي يجب إيفاء ما عهد الله إلى المكلف لا غير، أي لا يصار إلى غيره ولا يجعل معارضا له ويترك به، ففيها دلالة على وجوب الإيفاء بالشروط والعهود والنذور والعقود والإتيان بجميع ما أمر به من العمل بالعدالة في القول والفعل وإيفاء الكيل والوزن وغير ذلك " ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون " أي جميع ما تقدم أو حصر الإيفاء بعهد الله فإنه مشتمل على ما تقدم وزيادة، وصاكم الله بحفظه والعمل بمقتضاه، رجاء تذكركم الله وعقابه وثوابه، فتتعظون به، وفيه تأكيد بالغ.
وكذلك " الذين يوفون بعهد الله " (4) قيل عهد الله ما عقده الله على أنفسهم من الشهادة بربوبيته " وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى " (5) " ولا ينقضون الميثاق ": كل ما وثقوه على أنفسهم من المواثيق بينهم وبين الله، من العهود والنذور والايمان وغير ذلك، وبين خلقه من العقود والشروط وسائر ما قرر معهم، فهذا تعميم بعد تخصيص، ويحتمل أن يكون معناهما واحدا فيكون الثاني تأكيدا للأول فيمكن جعل هذه دليلا على وجوب الوفاء بالنذور والعقود والشرائط والوعد.