حياته، ولعل المراد حقوق الله وأما سقوط حقوق الناس بالكلية بمجرد ذلك فمحل التأمل، ولعل هذا الخبر وأمثاله مؤيد لما تقدم من سقوط العقاب عن الموصي بمجرد الوصية فتأمل.
الثانية: " يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم " أي الاشهاد الذي شرع بينكم وأمرتم به فهي مبتدأ " إذا حضر أحدكم الموت " أي وقت حضور الموت وإشرافه عليكم قبل أن تموتوا وتفارقكم الروح والقدرة على التكلم والوصية " حين الوصية " يمكن كونه بدلا من إذا حضر، قيل أو ظرف حضر، فيه شئ، والأول أولى، ويمكن كونه ظرفا آخر للاشهاد، " اثنان " خبر الشهادة أو فاعل ساد مسد الخبر، على حذف المضاف، على التقديرين، أي شهادة اثنين فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه وأعرب باعرابه " ذوا عدل منكم " أي صاحبا عدالة حال كونهما بعضكم أيها المؤمنون، فهو صفة اثنان، ويحتمل أن يكون " منكم " صفة " ذوا عدل " وهذا كالصريح في اعتبار التعدد والعدالة في الشهود، فلا يكفي المجهول ولا حسن الظن إذ لم يصدق حينئذ إشهاد ذوي عدل الذي هو شرط في سماع الشهادة وواجب.
" أو آخران من غيركم " ولعل المراد أو آخران كذلك أي ذوا عدل من غيركم فهو عطف على اثنان مع التزام حذف للعلم به، ولكن مع كون العدل المعتبر في مذهب الآخر، ولعدم حسن التصريح بتلك العدالة ويحتمل جعله عطفا على منكم وهو أنسب بحسب المعنى، ولكن يصير الآخران كالزائد ويحتمل كونه للتصريح والمبالغة في عدم ترك التعدد، وإن ترك العدالة الحقيقية، ويحتمل الاكتفاء بغير العدل من الغير، بأن لا يقيد آخران بكذلك، وهو بعيد، وإن كان للضرورة، لأن المسلم الغير العدل لا يكفي معها، فغيره بالطريق الأولى، وخص الآخران بأهل الذمة كما قيل في سبب النزول، للإجماع على عدم سماع شهادة الحربي على المسلم، بل مطلق الكافر إلا في هذه المسألة عند أصحابنا، وأما عند غيرهم فمنهم من يقول: إن المراد من " غيركم " هو البعيد أي الأجنبي " ومنكم " الأقارب، وهو بعيد لسبب النزول وغيره.