سواء كان قرآنا أم لا، هذا تنبيه واضح على أن لا تحريم إلا فيما وجده بالوحي لا غير فلا تحريم فيما لم يجده ولم يجد إلا بالوحي فإنه " لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى " (1) " على طاعم يطعمه " تأكيد " إلا أن يكون " الطعام " ميتة " المراد بها ما فارقته الروح بغير ذبح شرعي ذكرا كان أو أنثى " أو دما مسفوحا " أي مصبوبا كالدم في العروق لا كالكبد والطحال وإن كان ذلك أيضا حراما لكن بوجه آخر لا لأنه دم، فدما عطف على ميتة، وقال القاضي عطف على أن مع ما في حيزه وفيه تأمل وقد مر البحث في بيان تحريم الدم ونجاسته وتقييده فتذكر فإنه غير واضح " أو لحم خنزير فإنه رجس " أي الخنزير أو لحمه أو كل واحد مما تقدم " أو فسقا " عطف على لحم الخنزير أو ما عطف عليه، أي أحد المحرمات ما هو فسق ولكن هو مجمل لم يظهر إلا بالبيان ولعل قوله " أهل لغير الله به " صفة موضحة لبيانه ولعل المراد ما ذبح بغير التسمية سواء سمى غير الله أم لا.
والآية محكمة لأنها تدل على عدم وجود محرم إلى تلك الغاية إلا هذه الأمور، فلا ينافيه تحريم أمور أخر بعدها، فلو وجد محرم آخر بخبر لا يكون نسخا للكتاب بالسنة فإن الظاهر عدم جواز ذلك إلا أن يكون متواترا وهو أيضا غير معلوم هنا، وبالجملة لا يمكن بهذا إثبات جواز نسخة بالخبر، وأيضا لا ينافيه وجود محرمات أخر في تلك الحالة مع التسليم، إذ قد يكون الحصر إضافيا أو يكون داخلا بدليل آخر، فيختص عموم الإباحة المفهوم من الحصر بدليل من خارج كسائر العمومات فلا نسخ أيضا وأيضا لا تدل على عدم حل الأمور الآن غير هذه إلا مع انضمام الاستصحاب والأصل وتتبع دليل التحريم في الجملة، إذ لا ينبغي الحكم بالعدم بمجرد أن الأصل هو العدم فإن الظاهر أنه لا بد من التفتيش و الاستفصال، وإن لم يجب الاستقصاء كما قيل في الأصول، فإن التعبير في الجملة ظاهر فتأمل.
الثالثة: " يسألونك عن الخمر والميسر " (2) الخمر معلوم لأنه عبارة عن كل