" وكان الله عليما " أي لم يزل عالما بكل الأشياء فمنه حال القاتل وقصده والمقتول وايمانه " حكيما " فيما يأمر به وينهى عنه مطلقا، وكان مخفيا علينا في بعض المواد ومثل التوبة في هذا المقام، وإيجاب الكفارة والدية مع عدم التكليف، و كذا إيجابها على العاقلة من غير مدخليتها فيريد الإشارة إلى أنه إذا خفي عليكم الحكمة لا تحكموا بعدمها، أو عدم علم الحاكم فإنه كفر نعوذ بالله، وخفاؤها لا يدل على نفيها فينبغي فيه التفكر ليصل، فإن لم يصل يحكم بوجودها وعلم الحاكم بها، و عدم فهمه لنا، إما لعدم التفكر على ما ينبغي أو وجود ما يمنع الفهم من الكدورات الظاهرية والباطنية، أو لحكمة تكون في عدم الفهم الله يعلم.
السابعة: وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن (1).
أي فرضنا عليهم في التوراة أن النفس تقتل بالنفس، إذا قتلها بغير حق، و كذا العين تفقأ بالعين والأنف يجذم بالأنف، والأذن تقطع بالأذن، والسن يقلع بالسن " والجروح قصاص " أي كل جرح ذي قصاص يثبت لصاحبه القصاص، كان المراد غير ما ذكر أو أعم فليس من إجمال الحكم بعد تفصيله كما قاله القاضي والمعلوم أن المراد جرح يمكن قصاصه، وإلا فالأرش والحكومة، وتفصيله في غير هذا المحل.
" فمن تصدق به، فهو كفارة له " أي من تصدق بالقصاص بأن يعفو عنه مطلقا فالتصدق كفارة للمتصدق يكفر الله به ذنوبه، ففيه أيضا دلالة على إطلاق التصدق على الابراء والعفو والاسقاط، وعلى وقوع التكفير والآيات والأخبار مملوة منه.
واعلم أن الظاهر أنه وقع الاجماع على وجود الحكم بعينه في شرعنا، كأنه بمنزلة قوله كتبنا عليهم في التوراة كذا وكذلك عليكم هنا فهو موجود في أمة