عليه " يقبل توبته تفضلا لقوله " إن الله غفور رحيم " فلا ينافي في وجوبه للوعد، بل يدل على وجوبه كما مر. فإن الله تعالى لا يعذبه في الآخرة بالسرقة، وإن كان المال في ذمته فيعاقب بحق الناس.
أما العذاب في الدنيا يعني القطع فظاهر الآية السقوط لعموم قوله " فمن تاب " الآية فإن ظاهرها عدم تعذيبه تعالى إياه أصلا، ولا شك أن قطع اليد تعذيب ولكن لا شك أن هذا القطع فيه حق الناس ولهذا لو عفى عنه قبل الاثبات وقبل المحاكمة يسقط وحق الناس لا يسقط بالتوبة، ويمكن السقوط لو تاب قبل الاثبات والظفر، وعدمه بعده، على ما قالوه كأنه للأخبار والاجماع ويؤيده أنه ليس بأعظم من المحارب، مع أن في حد المحارب أيضا شائبة حق الناس.
واعلم أن للقطع بالسرقة شرائط مذكورة في الفروع، مستخرجة من الأخبار وإجماع الأمة، وأن محل القطع من أصول الأصابع عند الطائفة الإمامية، وعند غيرهم من الزند فتأمل، ثم يفهم من الآية التي بعدها أن سماع الكذب حرام إما بمعنى مجرد الاستماع، أو إجابته وقبوله، من قولنا سمع الله لمن حمده أي أجاب.
* (الرابع) * * (حد المحارب) * وفيه أيضا آيتان:
" إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله " (1) قيل: يحاربون أولياء الله وأولياء رسوله، وهم المسلمون، جعل محاربتهم محاربتهما، أو المراد محاربتهما باعتبار عدم سماع النهي عن المحاربة فيحاربون من نهى عن محاربته، فكأنهم حاربوا الناهي فالمراد قطاع الطريق وقد عرف المحارب في الفروع بأنه من شهر السلاح لإخافة المسلم في البر والبحر والبلدان وغيرها، والظاهر أن المراد من شهره ليخوفه من القتل بقصد أخذ ماله غيلة وجهرا بحيث لو لم يخف ولو يترك المال له لقتله وأخذ ماله، لا كل من شهر السلاح للإخافة فيدخل فيه كل مخوف غيره بشهر السلاح