فقال بعض لا يعقل وجوب الامساك بعد تحقق التحلل فحمل على الاستحباب وقال بعض إنه لا استبعاد بعد وقوعه في النص وأنت تعلم أن قوله عليه السلام فإن ردوا الدراهم عليه لا يدل على أنه محل حتى يرد الاستبعاد، ويحتاج إلى التكلف في دفعه، بل الظاهر أن معناه ما عليه إثم ولا كفارة، ولكن يبعث ويكون محرما ممسكا عما يمسك عنه المحرم، كما كان قبل البعث، إذ قد يراد بقوله " وقد أحل " أنه فعل أفعال المحل واعتقد أنه محل ويؤيده " فأتى النساء " في الثانية. على أن هذه الزيادة ليست بموجودة في غير التهذيب، والثانية ضعيفة، فلو لم يكن لهم دليل على ذلك من إجماع ونحوه لم يبعد القول بما ذكرناه فيندفع الاشكال.
وأيضا يمكن القول بالتخيير في المحصور بالمرض وحمل فعله عليه السلام بالحسين على الجواز وكذا البعث بمعنى أحد الفردين الواجبين على التخيير حتى يندفع التنافي بين الروايات، بل بين أول هذه الرواية وآخرها كما وقع في التهذيب و الكافي فإن فيها فعل أمير المؤمنين عليه السلام هو الذبح مكان الحصر مع التصريح قبله بالبعث.
فالمعنى على ما يفهم من رأي الأصحاب فإن منعتم بالمرض من الحج أو العمرة بعد كونكم محرمين بأحدهما، وأردتم الاحلال أو مطلقا كما هو الظاهر من اللفظ فعلى الثاني يكون الاحلال بالهدي واجبا أراد التحلل أم لا، وعلى الأول على تقدير الإرادة، والثاني هو المفهوم من ظاهر الآية والأول هو المفهوم من كلام الأصحاب فعليكم أو فالواجب عليكم أو فاذبحوا أو اهدوا أو ابعثوا للتحلل ما استيسر من أي نوع كان من الهدي إبلا أو بقرة أو شاة أي فتحللوا إذا ظننتم ذبح الهدي فما إما خبر مبتدأ محذوف أو مبتدأ خبره محذوف، أو مفعول فعل محذوف والجملة جزاء " إن أحصرتم ".
ويحتمل كون الحصر بمعنى المنع المطلق كما في اللغة لا بالمعنى المصطلح عندهم، فيكون التقدير " ولا تحلقوا رؤسكم حتى يبلغ الهدي محله " إن بعثتم كما في المريض وحتى يذبح في محله إن كان المنع بالعدو كما وقع في الحديبية فتركه