شهواته وانتهك دين الله وحرماته انه يلتحق بالمطهرين المقدسين ويبلغ منازلهم بكلام أجراه على لسانه ليس معه تقوى ولا عمل صالح قال الكرماني صفات الله وجودية كالعلم والقدرة وهي صفات الاكرام وعدمية كلا شريك له ولا مثل له وهي صفات الجلال فالتسبيح إشارة إلى صفات الجلال والتحميد إشارة إلى صفات الاكرام وترك التقييد مشعر بالتعميم والمعنى أنزهه عن جميع النقائص واحمده بجميع الكمالات قال والنظم الطبيعي يقتضي تقديم التخلية على التخلية فقدم التسبيح الدال على التخلي على التحميد الدال على التحلي وقدم لفظ الله لأنه اسم الذات المقدسة الجامع لجميع الصفات والأسماء الحسنى ووصفه بالعظيم لأنه الشامل لسلب ما لا يليق به واثبات ما يليق به إذ العظمة الكاملة مستلزمة لعدم النظير والمثيل ونحو ذلك وكذا العلم بجميع المعلومات والقدرة على جميع المقدورات ونحو ذلك وذكر التسبيح متلبسا بالحمد ليعلم ثبوت الكمال له نفيا واثباتا وكرره تأكيدا ولان الاعتناء بشأن التنزيه أكثر من جهة كثرة المخالفين ولهذا جاء في القرآن بعبارات مختلفة نحو سبحان وسبح بلفظ الامر وسبح بلفظ الماضي ويسبح بلفظ المضارع ولان التنزيهات تدرك بالعقل بخلاف الكمالات فإنها تقصر عن إدراك حقائقها كما قال بعض المحققين الحقائق الإلهية لا تعرف الا بطريق السلب كما في العلم لا يدرك منه الا انه ليس بجاهل واما معرفة حقيقة علمه فلا سبيل إليه وقال شيخنا شيخ الاسلام سراج الدين البلقيني في كلامه على مناسبة أبواب صحيح البخاري الذي نقلته عنه في أواخر المقدمة لما كان أصل العصمة أولا وآخرا هو توحيد الله فختم بكتاب التوحيد وكان آخر الأمور التي يظهر بها المفلح من الخاسر ثقل الموازين وخفتها فجعله آخر تراجم الكتاب فبدأ بحديث الأعمال بالنيات وذلك في الدنيا وختم بأن الأعمال توزن يوم القيامة وأشار إلى أنه انما يثقل منها ما كان بالنية الخالصة لله تعالى وفي الحديث الذي ذكره ترغيب وتخفيف وحث على الذكر المذكور لمحبة الرحمن له والخفة بالنسبة لما يتعلق بالعمل والثقل بالنسبة لاظهار الثواب وجاء ترتيب هذا الحديث على أسلوب عظيم وهو ان حب الرب سابق وذكر العبد وخفة الذكر على لسانه تال ثم بين ما فيهما من الثواب العظيم النافع يوم القيامة انتهى ملخصا وقال الكرماني تقدم في أول كتاب التوحيد بيان ترتيب أبواب الكتاب وان الختم بمباحث كلام الله لأنه مدار الوحي وبه تثبت الشرائع ولهذا افتتح ببدء الوحي والانتهاء إلى ما منه الابتداء ونعم الختم بها ولكن ذكر هذا الباب ليس مقصودا بالذات بل هو لإرادة ان يكون آخر الكلام التسبيح والتحميد كما أنه ذكر حديث الأعمال بالنيات في أول الكتاب لإرادة بيان اخلاصه فيه كذا قال والذي يظهر انه قصد ختم كتابه بما دل على وزن الأعمال لأنه آخر آثار التكليف فإنه ليس بعد الوزن الا الاستقرار في أحد الدارين إلى أن يريد الله إخراج من قضى بتعذيبه من الموحدين فيخرجون من النار بالشفاعة كما تقدم بيانه قال الكرماني وأشار أيضا إلى أنه وضع كتابه قسطاسا وميزانا يرجع إليه وانه سهل على من يسره الله تعالى عليه وفيه اشعار بما كان عليه المؤلف في حالتيه أولا وآخرا تقبل الله تعالى منه وجزاه أفضل الجزاء (قلت) وفي الحديث من الفوائد غير ما تقدم الحث على إدامة هذا الذكر وقد تقدم في باب فضل التسبيح من وجه آخر عن أبي هريرة حديث آخر لفظه من قال سبحان الله وبحمده في يومه مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر وإذا ثبت هذا في قول سبحان الله وبحمده وحدها
(٤٥٣)